تويتر

الخميس، 4 أغسطس 2011

الصراع الدبلوماسي بين السعودية وايران

 
شؤون إيرانية:
تعد العلاقات السعودية الايرانية  واحدة من أهم وأكثر المواضيع حساسية  من حيث تاثيراتها وتداعياتها المختلفة على المسارالعام للاحداث في المنطقة بشكل عام. هذا وقد شهدت الفترة الأخيرة توترات غير مسبوقة في العلاقة بين السعودية وإيران. فمنذ فشل المظاهرات في البحرين التي هدفت إلى تغيير النظام الحاكم هناك، تبادل الجانبان الأتهامات بالتدخل في الشأن البحريني. فبينما تنظر السعودية – وكباقي دول المنظومة الخليجية- أن من مهامها الرئيسية حفظ أمن واستقرار كافة الدول الأعضاء والوقوف في وجه أي تهديد خارجي يواجهها، ترى الجمهورية الإسلامية في إيران أن تدخل قوات درع الجزيرة إلى الأراضي البحرينية احتلالاً سعودياً  لدولة ذات سيادة وكيان مستقل دون – بطبيعة الحال- إظهار سبب هذه النظرة التي تكمن في تعاطفها من الناحية الطائفية مع مثيري الشغب في مملكة البحرين.
وبعد هدوء الأوضاع نسبياً في البحرين نجد أن كلا الجانبين سواء السعودي أو الإيراني قد مال الي التهدئة واستخدام لغة أقل حدة من تلك التي كانت مرتفعة خلل الأزمة البحرينية إلا أن مسألة من يقوم بالمبادرة تجاه تحسين العلاقات وكسر الجليد بين الدولتين قد يكون مشكلة بحد ذاته. فالسعودية ترى أن إيران تسعى إلى التهدئة وتحسين العلاقة معها وبالتالي ترى أن ذلك تراجعاً في الموقف الإيراني. جاء هذا الأستنتاج بعد مقابلة أجرتها صحيفة الوطن السعودية مع السفير الإيراني في الرياض، محمد جواد محلاتي. ففي هذا المقابلة قال السفير الإيراني أن إيران مستعدة لفتح جميع منشآتها النووية أمام الخبراء السعوديين، كما تبرأ من الهجمة الشرسة التي تبناها خطباء الجمعة في إيران مؤخرا على المملكة  موضحا أن «حكومته لا تتحمل مسئولية ما يصرح به البعض في منابر الجمعة وخطبهم الخاصة التي لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن سياسة الحكومة الإيرانية ونظرتها إلى السعودية التي لا يمكن تجاهل أهميتها السياسية والاقتصادية والعقدية في العالم عموما والعالم الإسلامي خصوصا."
هذا وقد سبق أن طلب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي زيارة المملكة في خضم الأزمة البحرينية إلا أن الجانب السعودي رفض استقباله ثم كان هناك توجه من قبل حكومة أحمدي نجاد في تحسين العلاقات مع السعودية وذلك من خلال إيفاد وزير خارجيته مجدداً إلى الرياض ولقاء المسئولين السعوديين. إلا أن هذا المقترح قد قوبل بانتقادات شديدة لنجاد وحكومته من قبل المحافظين حيث رأوا في هذه الخطوة إهانة كبيرة لدولة إيران وعليه تم استدعاء صالحي إلى البرلمان الإيراني لسماع وجهة نظره حول الموضوع إلا أنه أنكر أن تكون هناك أي خطة لزيارة السعودية في تلك الأيام على أقل تقدير.  كل هذا جعل صالحي يطلب من نظيرة السعودي،  الأمير سعود الفيصل أن يتم اللقاء بينهما في الكويت إلا أن الأخير رفض هذا المقترح معللا ذلك بأنه لا يرغب أن تتدخل الكويت في موضوع العلاقات الثنائية بين الرياض وطهران. كما صرح  الفيصل أنه سبق وأن زار طهران وكان الأتفاق أن يكون الأجتماع التالي في الرياض ولذلك تم رفض المقترح الإيراني الجديد.
وعلى الجانب الآخر، تزعم  إيران أن السعودية أيضا تسعى إلى استعادت العلاقات الطبيعية مع طهران . مستفيدة من تصريح الفيصل أن إيران دولة قوية ومهمة في المنطقة واننا في السعودية لا نمانع من الحوار مع القيادات الإيرانية شريطة أن تتوقف إيران عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة وتوجيه ثقلها لما فيه مصلحة الجانبين بدلا من استعداء المنطقة وقياداتها.
ماهي الخطوة القادمة؟
لا أحد يستطيع التكهن بمستقبل العلاقات السعودية الإيرانية خلال الفترة القادمة وذلك بسبب الأوضاع الملتهبة في المنطقة بشكل عام والأحداث الجارية حالياً في سوريا على وجه التحديد. فهذه الأزمة قد تلعب دوراً كبيراً في توجه العلاقات بين السعودية وإيران.ففي حالة تم  اسقاط نظام بشار الأسد فإن الموقف السعودي سيكون المتحكم  في مستقبل العلاقة بين البلدين على الأقل على المدى القريب حيث ستفقد طهران أهم حليف لها في المنطقة كما أن مستقبل حزب الله وبالتالي التواجد الإيراني في المنطقة العربية سيكون في موقف صعب جدا لا سيما وأن سوريا  تعد في الوقت الراهن نقطة الوصل التي من خلالها يتم توصيل الأسلحة والذخائر الإيرانية إلى حزب الله في لبنان. فإن نجح الثوار في مهمتهم فإن طهران ستنفقد هذه الحلقة وسيكون حزب الله معزولا تماما عن قيادته في طهران.  لهذا كله فإن إيران ترمي هذه الأيام بكامل ثقلها لضمان بقاء بشار الأسد في سدة الحكم في سوريا ولا غرابة أن تصرح القيادة الإيرانية قبل عدة أيام أن سوريا تعتبر خطاً أحمرا بالنسبة لطهران كما أن علاقتها قد ساءت كثيرا مع جارتها تركيا بسبب موقف الأخيرة من الأحداث الدائرة في سوريا. وعليه فمع سقوط النظام السوري الحالي فإن طهران لن تتردد في العمل على إعادة العلاقات مع الرياض إلى ما كانت عليه قبل تولي نجاد السلطة في إيران على أقل تقدير
أما فيما لو نجح النظام السوري في سحق المتظاهرين والسيطرة بشكل كامل على الوضع في البلاد فإن إيران ستشعر بحالة من القوة وستعزز وجودها في المنطقة العربية وربما تتخذ خطوات متقدمة في محاولاتها في التوغل في الداخل العربي وكسب مزيدا من المؤيدين والمتعاطفين معها في موقفها تجاه امريكا والدول الأوروبية وبالتالي تستعيد طهران شيئاً من سمعتها التي تدنت في الآونة الأخيرة بشكل كبير بين الشعوب العربية وذلك وفقاً لما توصلت إليه  مؤخراً مؤسسة زغبي للدراسات والبحوث واستطلاعات الراي. إلا أن ذلك قد يكون أيضاً ناذر شؤم على إيران ومبرراً لازدياد النظرة السلبية تجاه إيران وحكومتها بسبب دعمها للنظام السوري ومساعدته في قتل المتظاهرين المطالبين بالحريات والتخلص من النظام الديكتاتوري هناك. على كل حال سيبقى ذلك رهيناً بما ستأول إليه الأوضاع في الدول الثائرة في المنطقة العربية وكيف سيكون مستقبل تلك الثورات، وبالتالي ستكون الصورة أكثروضوحاً  حول مستقبل العلاقات الإيرانية السعودية.  
 محمد

ليست هناك تعليقات: