تويتر

الأحد، 28 أغسطس 2011

هل انتهى زمن الولاء لايران

شؤون إيرانية:


يوسف البنخليل
عانت البحرين كغيرها من البلدان التي‮ ‬تتميّز بتنوع إثنو‮ - ‬طائفي‮ ‬بإشكالية تداخل السياسة بالدين،‮ ‬وربط ذلك بالجمهورية الإيرانية التي‮ ‬أسست واقعاً‮ ‬عملياً‮ ‬لنظرية ولاية الفقيه عام‮ ‬‭.‬1979‮ ‬ في‮ ‬البحرين كانت تهمة الولاء لإيران حاضرة منذ اندلاع الثورة الإسلامية في‮ ‬طهران،‮ ‬ومازالت قائمة حتى اليوم‮. ‬وسبب ذلك سلسلة طويلة من الممارسات السياسية والتي‮ ‬يتم استغلالها باسم الدين،‮ ‬وتأكيد أن المذهب الشيعي‮ ‬يسمح لهم دينياً‮ ‬وشرعياً‮ ‬بالارتباط مع المرجعيات الدينية في‮ ‬إيران من النواحي‮ ‬الفقهية‮. ‬

قد‮ ‬يكون ذلك مفهوماً،‮ ‬ولكنَّ‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن مفهوماً‮ ‬طوال الفترة الماضية وحتى الآن سبب رفع أعلام طهران وشعاراتها،‮ ‬وصور قياداتها لدى أنصار ولاية الفقيه في‮ ‬المنامة،‮ ‬سواءً‮ ‬في‮ ‬المسيرات أو داخل الحسينيّات أو حتى في‮ ‬بعض المنازل والمجالس‮. ‬ المسألة لا تقتصر على ذلك بل تمتدّ‮ ‬لتشمل الشعارات التي‮ ‬يتمّ‮ ‬ترديدها في‮ ‬الفعاليات الجماهيرية العامة ومثالها‮ ''‬لبيك‮ ‬يا فقيه‮''‬،‮ ‬وهو ما‮ ‬يُقصد به الولي‮ ‬الفقيه ومرشد الثورة الإسلامية في‮ ‬إيران آية الله علي‮ ‬خامنئي،‮ ‬وغيرها من الشعارات التي‮ ‬لا تنتهي‮ ‬ومعروفة لمن‮ ‬يتابع الشأن السياسي‮ ‬البحريني‮.

السؤال الذي‮ ‬أطرحه هنا،‮ ‬هل انتهى زمن الولاء لطهران؟ أستبعد تماماً‮ ‬أن‮ ‬يكون هذا الزمن قد انتهى الآن،‮ ‬ومازال أمامه طريق طويل حتى‮ ‬يتمّ‮ ‬الحديث الولاء لطهران‮.

‬والإشكالية في‮ ‬هذه المسألة أنَّه منذ تولِّي‮ ‬ولاية الفقيه الحُكم في‮ ‬طهران فإنَّه لم تظهر محاولات لدى شيعة البحرين من المؤمنين بنظرية ولاية الفقيه لبيان عدم ارتباطهم بولاية الفقيه،‮ ‬وهذا‮ ‬ينطبق على مستوى الفعاليات الدينية والسياسية وحتى الجماهير بعمومها‮. ‬


أيضاً‮ ‬لم تكن هناك مراجعات جادَّة وحقيقية لهذا الارتباط وانعكاساته المستقبلية على شيعة البحرين،‮ ‬أو حتى تأثيره على النظام السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬بل كان‮ ‬يُنظر إلى مثل هذه الفكرة بأنَّها من المحرَّمات وهي‮ (‬تابو‮) ‬لا‮ ‬يمكن المساس به،‮ ‬أو حتى الحديث عنه،‮ ‬فبمجرد طرح هذه الفكرة تُعدّ‮ ‬مساساً‮ ‬بالمذهب ومساساً‮ ‬بطائفة برمَّتها‮. ‬ هذا التابو‮ ‬يذكِّرنا جيداً‮ ‬بما حدث قبل أيام عندما خاطب وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي‮ ‬آل خليفة ممثل الولي‮ ‬الفقيه في‮ ‬المنامة عيسى قاسم حول خطابه الديني،‮ ‬وثارت الفعاليات الدينية والسياسية الإسلامية الشيعية التي‮ ‬تمثل هذا التيار لتؤكّد أن مخاطبة‮ (‬رجل دين‮) ‬تُعدّ‮ ‬مساساً‮ ‬بممثل الولي‮ ‬الفقيه،‮ ‬وإساءة للطائفة الشيعية بأكملها‮.‬


مثل هذا الوضع المعقّد لا‮ ‬يُمكن إيجازه في‮ ‬بعض فقرات قصيرة،‮ ‬ولكننا بلاشك بحاجة ماسة وعاجلة لتيار أكثر رشداً‮ ‬وأكثر عقلانية من تيار ولاية الفقيه الذي‮ ‬قاد الدولة البحرينية إلى مرحلة تشبه الحرب الأهلية والصراع الطائفي‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يُمكن إطفاؤه بين ليلة وضحاها،‮ ‬بل بحاجة إلى عقود طويلة من الزمن حتى‮ ‬يمكن العودة للعلاقات السُنية‮ - ‬الشيعية كما كانت عليه قبل‮ ‬14‮ ‬فبراير الماضي‮. ‬ التطوّر الجديد في‮ ‬هذه القضية ما أعلن عنه الأربعاء الماضي،‮ ‬عندما تدفَّق العشرات من المواطنين الشيعة ليؤكدوا رفضهم لتيار ولاية الفقيه وهذه النظرية الدخيلة على المجتمع البحريني،‮ ‬ويؤكدوا رفضهم للارتباط مع طهران بترشيح أنفسِهم للمشاركة في‮ ‬العملية السياسية بدلاً‮ ‬من المقاطعة السلبية للانتخابات‮.


زيادة عدد المترشحين الشيعة في‮ ‬هذه الانتخابات بشكل أكبر من الانتخابات الماضية تعكس حجم الرغبة السائدة لدى الطائفة الشيعية بضرورة وجود تيار سياسي‮ - ‬ديني‮ ‬موازٍ‮ ‬لتيار ولاية الفقيه وبنفس القوَّة،‮ ‬وهو تيار أعتقد أنَّه بحاجة للدعم على كافة المستويات،‮ ‬لاسيّما وأنَّ‮ ‬تيار ولاية الفقيه لا‮ ‬يُمثل الطائفة الشيعية كلّها،‮ ‬وإنَّما‮ ‬يُمثل جُزءاً‮ ‬منها فقط‮.‬


المصدر: صحيفة الوطن البحرينية

ليست هناك تعليقات: