شؤون إيرانية:
يوسف البنخليل
عانت البحرين كغيرها من البلدان التي تتميّز بتنوع إثنو - طائفي بإشكالية تداخل السياسة بالدين، وربط ذلك بالجمهورية الإيرانية التي أسست واقعاً عملياً لنظرية ولاية الفقيه عام .1979 في البحرين كانت تهمة الولاء لإيران حاضرة منذ اندلاع الثورة الإسلامية في طهران، ومازالت قائمة حتى اليوم. وسبب ذلك سلسلة طويلة من الممارسات السياسية والتي يتم استغلالها باسم الدين، وتأكيد أن المذهب الشيعي يسمح لهم دينياً وشرعياً بالارتباط مع المرجعيات الدينية في إيران من النواحي الفقهية.
قد يكون ذلك مفهوماً، ولكنَّ الذي لم يكن مفهوماً طوال الفترة الماضية وحتى الآن سبب رفع أعلام طهران وشعاراتها، وصور قياداتها لدى أنصار ولاية الفقيه في المنامة، سواءً في المسيرات أو داخل الحسينيّات أو حتى في بعض المنازل والمجالس. المسألة لا تقتصر على ذلك بل تمتدّ لتشمل الشعارات التي يتمّ ترديدها في الفعاليات الجماهيرية العامة ومثالها ''لبيك يا فقيه''، وهو ما يُقصد به الولي الفقيه ومرشد الثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، وغيرها من الشعارات التي لا تنتهي ومعروفة لمن يتابع الشأن السياسي البحريني.
السؤال الذي أطرحه هنا، هل انتهى زمن الولاء لطهران؟ أستبعد تماماً أن يكون هذا الزمن قد انتهى الآن، ومازال أمامه طريق طويل حتى يتمّ الحديث الولاء لطهران.
والإشكالية في هذه المسألة أنَّه منذ تولِّي ولاية الفقيه الحُكم في طهران فإنَّه لم تظهر محاولات لدى شيعة البحرين من المؤمنين بنظرية ولاية الفقيه لبيان عدم ارتباطهم بولاية الفقيه، وهذا ينطبق على مستوى الفعاليات الدينية والسياسية وحتى الجماهير بعمومها.
أيضاً لم تكن هناك مراجعات جادَّة وحقيقية لهذا الارتباط وانعكاساته المستقبلية على شيعة البحرين، أو حتى تأثيره على النظام السياسي البحريني، بل كان يُنظر إلى مثل هذه الفكرة بأنَّها من المحرَّمات وهي (تابو) لا يمكن المساس به، أو حتى الحديث عنه، فبمجرد طرح هذه الفكرة تُعدّ مساساً بالمذهب ومساساً بطائفة برمَّتها. هذا التابو يذكِّرنا جيداً بما حدث قبل أيام عندما خاطب وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة ممثل الولي الفقيه في المنامة عيسى قاسم حول خطابه الديني، وثارت الفعاليات الدينية والسياسية الإسلامية الشيعية التي تمثل هذا التيار لتؤكّد أن مخاطبة (رجل دين) تُعدّ مساساً بممثل الولي الفقيه، وإساءة للطائفة الشيعية بأكملها.
مثل هذا الوضع المعقّد لا يُمكن إيجازه في بعض فقرات قصيرة، ولكننا بلاشك بحاجة ماسة وعاجلة لتيار أكثر رشداً وأكثر عقلانية من تيار ولاية الفقيه الذي قاد الدولة البحرينية إلى مرحلة تشبه الحرب الأهلية والصراع الطائفي الذي لا يُمكن إطفاؤه بين ليلة وضحاها، بل بحاجة إلى عقود طويلة من الزمن حتى يمكن العودة للعلاقات السُنية - الشيعية كما كانت عليه قبل 14 فبراير الماضي. التطوّر الجديد في هذه القضية ما أعلن عنه الأربعاء الماضي، عندما تدفَّق العشرات من المواطنين الشيعة ليؤكدوا رفضهم لتيار ولاية الفقيه وهذه النظرية الدخيلة على المجتمع البحريني، ويؤكدوا رفضهم للارتباط مع طهران بترشيح أنفسِهم للمشاركة في العملية السياسية بدلاً من المقاطعة السلبية للانتخابات.
زيادة عدد المترشحين الشيعة في هذه الانتخابات بشكل أكبر من الانتخابات الماضية تعكس حجم الرغبة السائدة لدى الطائفة الشيعية بضرورة وجود تيار سياسي - ديني موازٍ لتيار ولاية الفقيه وبنفس القوَّة، وهو تيار أعتقد أنَّه بحاجة للدعم على كافة المستويات، لاسيّما وأنَّ تيار ولاية الفقيه لا يُمثل الطائفة الشيعية كلّها، وإنَّما يُمثل جُزءاً منها فقط.
المصدر: صحيفة الوطن البحرينية
يوسف البنخليل
عانت البحرين كغيرها من البلدان التي تتميّز بتنوع إثنو - طائفي بإشكالية تداخل السياسة بالدين، وربط ذلك بالجمهورية الإيرانية التي أسست واقعاً عملياً لنظرية ولاية الفقيه عام .1979 في البحرين كانت تهمة الولاء لإيران حاضرة منذ اندلاع الثورة الإسلامية في طهران، ومازالت قائمة حتى اليوم. وسبب ذلك سلسلة طويلة من الممارسات السياسية والتي يتم استغلالها باسم الدين، وتأكيد أن المذهب الشيعي يسمح لهم دينياً وشرعياً بالارتباط مع المرجعيات الدينية في إيران من النواحي الفقهية.
قد يكون ذلك مفهوماً، ولكنَّ الذي لم يكن مفهوماً طوال الفترة الماضية وحتى الآن سبب رفع أعلام طهران وشعاراتها، وصور قياداتها لدى أنصار ولاية الفقيه في المنامة، سواءً في المسيرات أو داخل الحسينيّات أو حتى في بعض المنازل والمجالس. المسألة لا تقتصر على ذلك بل تمتدّ لتشمل الشعارات التي يتمّ ترديدها في الفعاليات الجماهيرية العامة ومثالها ''لبيك يا فقيه''، وهو ما يُقصد به الولي الفقيه ومرشد الثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، وغيرها من الشعارات التي لا تنتهي ومعروفة لمن يتابع الشأن السياسي البحريني.
السؤال الذي أطرحه هنا، هل انتهى زمن الولاء لطهران؟ أستبعد تماماً أن يكون هذا الزمن قد انتهى الآن، ومازال أمامه طريق طويل حتى يتمّ الحديث الولاء لطهران.
والإشكالية في هذه المسألة أنَّه منذ تولِّي ولاية الفقيه الحُكم في طهران فإنَّه لم تظهر محاولات لدى شيعة البحرين من المؤمنين بنظرية ولاية الفقيه لبيان عدم ارتباطهم بولاية الفقيه، وهذا ينطبق على مستوى الفعاليات الدينية والسياسية وحتى الجماهير بعمومها.
أيضاً لم تكن هناك مراجعات جادَّة وحقيقية لهذا الارتباط وانعكاساته المستقبلية على شيعة البحرين، أو حتى تأثيره على النظام السياسي البحريني، بل كان يُنظر إلى مثل هذه الفكرة بأنَّها من المحرَّمات وهي (تابو) لا يمكن المساس به، أو حتى الحديث عنه، فبمجرد طرح هذه الفكرة تُعدّ مساساً بالمذهب ومساساً بطائفة برمَّتها. هذا التابو يذكِّرنا جيداً بما حدث قبل أيام عندما خاطب وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة ممثل الولي الفقيه في المنامة عيسى قاسم حول خطابه الديني، وثارت الفعاليات الدينية والسياسية الإسلامية الشيعية التي تمثل هذا التيار لتؤكّد أن مخاطبة (رجل دين) تُعدّ مساساً بممثل الولي الفقيه، وإساءة للطائفة الشيعية بأكملها.
مثل هذا الوضع المعقّد لا يُمكن إيجازه في بعض فقرات قصيرة، ولكننا بلاشك بحاجة ماسة وعاجلة لتيار أكثر رشداً وأكثر عقلانية من تيار ولاية الفقيه الذي قاد الدولة البحرينية إلى مرحلة تشبه الحرب الأهلية والصراع الطائفي الذي لا يُمكن إطفاؤه بين ليلة وضحاها، بل بحاجة إلى عقود طويلة من الزمن حتى يمكن العودة للعلاقات السُنية - الشيعية كما كانت عليه قبل 14 فبراير الماضي. التطوّر الجديد في هذه القضية ما أعلن عنه الأربعاء الماضي، عندما تدفَّق العشرات من المواطنين الشيعة ليؤكدوا رفضهم لتيار ولاية الفقيه وهذه النظرية الدخيلة على المجتمع البحريني، ويؤكدوا رفضهم للارتباط مع طهران بترشيح أنفسِهم للمشاركة في العملية السياسية بدلاً من المقاطعة السلبية للانتخابات.
زيادة عدد المترشحين الشيعة في هذه الانتخابات بشكل أكبر من الانتخابات الماضية تعكس حجم الرغبة السائدة لدى الطائفة الشيعية بضرورة وجود تيار سياسي - ديني موازٍ لتيار ولاية الفقيه وبنفس القوَّة، وهو تيار أعتقد أنَّه بحاجة للدعم على كافة المستويات، لاسيّما وأنَّ تيار ولاية الفقيه لا يُمثل الطائفة الشيعية كلّها، وإنَّما يُمثل جُزءاً منها فقط.
المصدر: صحيفة الوطن البحرينية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق