تويتر

الأحد، 22 سبتمبر 2013

إيران بين «مفتاح» روحاني و«قفل» خامنئي!




شؤون إيرانية
بقلم: محمد السلمي

تسلم الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني مهامه الرئاسية قبل أسبوع، حيث شهد يوم الرابع من الشهر، مصادقة القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، على انتخاب روحاني في احتفالية كبيرة وتمثيل دولي متباين شارك في هذه الاحتفالية في العاصمة الإيرانية طهران. واختلف مستوى التمثيل من بلد إلى آخر وفقا لمدى متانة العلاقة بين طهران وتلك الدول
ولعل التفاؤل بمستقبل العلاقة بين دول الخليج العربي وإيران من عدمه ينعكس جليا في مستوى الوفود الخليجية المشاركة في حفل تنصيب روحاني.
 
ومع حكومة إيرانية جديدة ورئيس منتخب جديد هناك تفاؤل دولي مشوب بالحذر حول ما يمكن لروحاني فعله على أرض الواقع، وتتطلع دول العالم بشكل عام، ودول المنطقة العربية على وجه الخصوص، إلى تغير جدي في سياسة إيران الخارجية وعلاقتها مع العالم ودول الجوار، وأن يأخذ الرئيس روحاني على عاتقه شعار المبادرة وحسن النوايا مع العالم بعيدا عن تلك السياسة التي انتهجها سلفه محمود أحمدي نجاد، والتي أدت إلى عزل إيران دوليا وإقليميا وإسلاميا بسبب السياسة العدوانية التي انتهجها طيلة السنوات الثماني الماضية.
 
إيران في حاجة إلى تحسين صورتها أمام العالم، وروحاني محمل بتركة ثقيلة جدا. اختار روحاني «المفتاح» شعارا لحملته الانتخابية، وصرح غير مرة بأنه عازم على الانفتاح على دول الجوار، وأن من أولوياته تحسين العلاقة مع السعودية وبقية دول الخليج العربي، إلا أن موقفه فيما يتعلق بالأزمة السورية يعيد كل الآمال في تحسن العلاقة إلى المربع الأول، ولعل ذلك دليل واضح لا لبس فيه على أن الموقف من الثورة السورية لا خيار له سوى تبني موقف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وهذا حجر الزاوية في إدراك قدرات روحاني والمساحة التي يستطيع التحرك فيها كرئيس للجمهورية وفقا لتوجيهات ولي الفقيه وتوجهاته، إلا أن الرئيس الجديد سوف يسعى إلى إثبات الالتزام بالوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية.
فعلى المستوى الخارجي، من المتوقع أن يسعى روحاني إلى القيام بزيارة خاطفة إلى الرياض في القريب العاجل للإيحاء بأن تغييرا سياسيا حدث في طهران، وقد تستقبل الرياض وبعض العواصم الخليجية الأخرى روحاني، وبناء على ذلك تتضح الرؤية والمسار الذي تتجه إليه العلاقات بين البلدين.إضافة إلى ذلك، فقد يسعى روحاني إلى إعادة العلاقات مع بعض الدول الأوروبية، وتأتي المملكة المتحدة على رأس القائمة في محاولة لترميم العلاقة بين البلدين، بعد أن توترت بسبب اقتحام قوات الباسيج السفارة البريطانية في طهران عام 2011 والعبث بممتلكاتها وتخريبها.
 
على الصعيد المحلي، يواجه روحاني مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة؛ فهناك انهيار العملة المحلية وعجز في الميزانية يقدر بـ30 في المائة وعقوبات اقتصادية وحظر على صادرات إيران النفطية، كما أن تضخم الأسعار وصل إلى أرقام قياسية وارتفاع في معدلات البطالة والفقر والجريمة والمخدرات وملف السجناء السياسيين وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية والعرقية ونحو ذلك. هذا الكم الكبير من المشاكل سيضع الرئيس الجديد في اختبار حقيقي لمدى قدرته على انتشال إيران مما هي فيه من صعوبات تتفاقم يوما بعد آخر، ولكن يبقى السؤال: كيف سيواجه الرئيس المنتخب كل هذه الملفات ويعمل على حلها؟
 
نعلم يقينا أن هناك خطوطا حمرا لا يستطيع رئيس الجمهورية في إيران الاقتراب منها من دون موافقة المرشد الأعلى، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمن القومي والشأن الثقافي الذي يمس صورة الجمهورية الإسلامية في الداخل والخارج؛ لذا فإن الخيار الوحيد لدى روحاني وحكومته هو محاولة إقناع ولي الفقيه بإبداء شيء من المرونة حيال بعض المواقف بهدف بعث رسالة إلى العالم بأن تغييرا سياسيا حقيقيا حدث في إيران بقدوم حكومة جديدة عازمة على الانفتاح على العالم، تاركة وراء ظهرها مرحلة العداء تجاه الآخر وبدء صفحة جديدة مبنية على الاحترام المتبادل والحوار المفتوح. وهذا يعني أنه لا خيار لروحاني سوى الإمساك بالعصا من المنتصف، فمن جانب سوف يستعين روحاني بعدد من الشخصيات الإصلاحية والأسماء التي ظهرت خلال فترتي رئاسة محمد خاتمي، ومن جانب آخر سيحاول الرئيس الجديد كسب ثقة التيار المحافظ والعمل معه عن قرب لضمان عدم الاصطدام بهذا التيار المقرب من المرشد الأعلى، وبالتالي ومن خلال رموز هذا التيار ستكون الفرص أكبر في إقناع المرشد الأعلى بمشاريعه السياسية على المستويين الداخلي والخارجي، فهل سينجح مفتاح روحاني في فتح قفل ولي الفقيه؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن ذلك!
 
المصدر: الشرق الأوسط

كيف ستتعامل إيران مع الضربة الأمريكية على سوريا؟



شؤون إيرانية
بقلم محمد السلمي


تعيش منطقة الشرق الأوسط مرحلة عصيبة جداً، وقد تتسبب هذه الأوضاع -خاصة في سوريا- في حالة من الاحتقان السياسي الكبير، يصفها البعض بمقدمات حرب عالمية طاحنة. وإذا نظرنا إلى الموقف الإيراني، خاصة وأن الحليف العربي الوحيد لطهران هو مركز هذه الأزمة وفتيلها فإنه مما لا شك فيه أن إيران تتجنب المواجهة مع أمريكا والدول الأوروبية، ولكنها قد تعتمد في حالة سقوط النظام السوري على خطط بديلة. فمن المتوقع أن تحاول إيران في حالة سقوط بشار الأسد أن تنقل تجربتها في العراق بعد سقوط صدام حسين إلى الحالة السورية من خلال إنشاء ميليشيات مسلحة تدين بالولاء لها في سوريا الجديدة، وتضمن عدم عزل حزب الله في لبنان، وبالتالي فقد ينهار سريعاً إذا فقد النظام السوري الذي يمثل حلقة الوصل بينه وبين طهران.

تركزت تصريحات المسئولين الإيرانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية ومراكزهم العسكرية على نقطة واحدة مفادها أن تداعيات أي عملية عسكرية غربية ضد سوريا سوف تتجاوز سوريا، وقد تحرق المنطقة برمتها، وهذه التصريحات بمثابة تهديد إيراني لدول المنطقة العربية وإسرائيل والمصالح الغربية في الإقليم بغض النظر عما إذا كانت مجرد حرب إعلامية فقط، أو تهديدات حقيقية قد تنفذها إيران في حال شنت الولايات المتحدة الأمريكية أو حلف الناتو ضربات عسكرية في الداخل السوري.
بناءً على ذلك فإن الموقف الإيراني من الأوضاع في سوريا في ظل التهديدات الأمريكية بالقيام بعمليات عسكرية ردًّا على استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية محظورة ضد المعارضة في الغوطة الشرقية، قد يدور في فلك ثلاثة مسارات رئيسة. يتركز المسار الأول حول ما إذا كانت العملية العسكرية الأمريكية خاطفة وقصيرة من حيث المدة، وتستهدف مواقع محددة، وتكون بمثابة تنبيه جدي للنظام السوري، ومحاولة لتغيير موازين المعادلة بين النظام وقوى المعارضة فإن إيران في هذه الحالة قد تلتزم الصمت، وتكتفي بتصريحات تدين العملية العسكرية ضد النظام السوري، وتسمح للولايات المتحدة بتنفيذ تهديداتها إذا ما تجاوز بشار الخط الأحمر المتمثل في استخدام الأسلحة المحظورة، وهو ما حدث على الأرض حقيقة. أما أسباب تفضيل إيران الصمت فيتمثل في نقطتين هامتين:


أولاً: السياسة التي تتبعها الحكومة الإيرانية الجديدة بقيادة حسن روحاني، والتي قد تسعى إلى تجنب أي مواجهة أو توتر مع دول العالم في الفترة المقبلة.
وثانياً: عدم رغبة الحكومة الإيرانية في خلق أي توتر يؤثر على المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة 5+1 بشأن الملف النووي الإيراني، والذي تأمل إيران من خلاله في تحقيق حل دبلوماسي سريع ومتوازن يخرجها من العقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية التي تعيشها حالياً.
وعليه فإن إيران قد ترى أنه من غير المنطقي التضحية بخططها الهادفة إلى خلق نوع من كسب الثقة مع الغرب بسبب ضربة عسكرية خاطفة ومحددة الأهداف على الأراضي السورية، ولا تهدد استمرار النظام الحالي حتى حلول الانتخابات القادمة في عام 2014 على أقل تقدير.



أما إذا كانت العملية العسكرية الأمريكية ضد سوريا أكثر جدية وصلابة من التوقعات الإيرانية، وتتجاوز مرحلة التنبيه إلى تسليح الثوار السوريين، وإسقاط حكومة بشار الأسد، فإن طهران حينها قد تفضل مسار التدخل غير المباشر وغير الرسمي والمعلن. بمعنى أن إيران سوف تحرك أجنحتها العسكرية مثل فيلق القدس وحزب الله، أو ربما الاعتماد كليًّا على المجموعات التي تدين لها بالولاء مثل حزب الله وحركة الجهاد الإسلامي وحركة أمل والمجموعات الحوثية في شمال اليمن، وحزب الله العراقي، ولقد أطلق هذا الأخير تهديدات صريحة باستهداف بعض الدول الخليجية ومصالحها عبر عمليات انتحارية تستهدف الموانئ وآبار النفط والمقرات الأمنية . كل هذه الخطوات التي قد تتخذها إيران تهدف إلى المحافظة على توازن القوى على الأرض، وحماية النظام السوري من السقوط. ولقد أطلق عدد من المسئولين الإيرانيين تهديدات صريحة بحرق المنطقة إذا ما تعرض حليفها السوري لهجوم عسكري ترى طهران أن دولاً مثل السعودية وقطر وتركيا متواطئة في ذلك، وبالتالي تعتقد أن استهداف بعض المراكز الإستراتيجية والحيوية في هذه الدول حقاً مشروعاً لها.

المسار الثالث والأخير يتمثل في تدخل إيراني مباشر. أرى أنه من المستبعد أن تتجه إيران إلى هذا الخيار، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن النظام الإيراني يتحاشى المواجهة المباشرة قدر الإمكان، و لن تتورط إيران في مواجهة مباشرة مع الغرب أو تقدم مبررًا ذهبيًّا للولايات المتحدة أو إسرائيل بتوجيه البوصلة نحو المحطات النووية الإيرانية في كافة مناطق إيران. الحالة الوحيدة التي تشجع إيران على التدخل المباشر في سوريا هو دخول قوى كبيرة مثل روسيا والصين في الصراع على الأرض إذا ما كان الهدف الأمريكي تغيير النظام القائم في سوريا. في هذه الحالة سنجد إيران تتجه إلى دعم هذين الحليفين وقد تساهم فعلياً في توجيهات ضربات مباشرة ضد المصالح الغربية في المنطقة .

وختاماً، فإنه من الصعوبة بمكان التكهن بالرد الإيراني على أي عمل عسكري أجنبي ضد سوريا، ولكنني أتوقع –شخصيًّا- أن طهران تفضل -إذا ما نفذت أمريكا تهديداتها- الخيار الثاني بغض النظر عن قوة الضربات العسكرية الغربية وأهدافها والمدة التي تستغرقها هذه العمليات؛ لأن طبيعة السياسة الإيرانية تتجنب المواجهة المباشر دائماً، وتفضل تحريك الخيوط التي تملكها في مناطق النزاع؛ حتى لا تنكشف مخططاتها وتظهر بشكل جلي أمام الجميع، وهي السياسة التي تنتهجها إيران في العراق ولبنان وعدة مناطق أخرى من العالم؛ حتى تحتفظ أمام الشارع الإيراني بشخصية الدولة المظلومة، والتي تتعرض للمؤامرات والعداء على المستويين الإقليمي والدولي.

المصدر: مجلة المجلة