تويتر

الأحد، 6 يناير 2013

إيران والربيع العراقي



شؤون إيرانية:
بقلم: محمد السلمي
 

تشهد العراق هذه الأيام حراكاً سياسياً يشمل محافظات ومدن عدة، اتفقت جميعها على ضرورة رحيل حكومة رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي.
الشعارات التي رفعها المتظاهرون تعكس مدى الغضب والاحتقان السياسي والمذهبي الذي تشهده البلاد. إطلاق سراح من اعتقلهم النظام العراقي تعسفاً وكذلك التنديد بالتدخل السياسي الإيراني في شؤون الداخل العراقي من خلال حليفها القوي نوري المالكي وحكومته، والمطالبة بتوقف هذا التدخل كان المطلب الأبرز في هذه المظاهرات.

يرى الكثيرون أن العراق مقبلة على ربيع ما هو إلا امتداد لـ”الربيع العربي” الذي أسقط عددا من الحكومات والأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، ولعل ما يحدث على ساحة إحدى دول الجوار العراقي، سوريا، أحد أهم المحركات الأساسية لما تشهده العراق هذه الأيام، خاصة وأن وحكومة المالكي اصطفت إلى جانب الجلاد ضد الضحية، الأمر الذي يراه الكثيرون بأن هذا الموقف لا يعدو سوى ضغوط إيرانية على حكومة المالكي وانعكاس لموقف طهران من الأزمة السورية. 

من خلال المتابعة الدقيقة لما يطرح في أهم وسائل الإعلام الإيراني هذه الأيام، نجد أن التطورات الأخيرة على الساحة العراقية مغيبة تماماً عن المتلقي الإيراني، وليس هناك أي إشارات ناهيك عن تغطية إعلامية لمظاهرات الشعب العراقي ضد النظام القائم هناك، ولعل هذا التجاهل متعمدا ومدروسا بعناية من قبل الجانب الإيراني.
فكما يعلم الجميع أننا على مقربة من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ويخشى النظام هناك من تكرار ما حدث في عام 2009، بعيد انتخاب الرئيس أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية، مما تسبب في احتقان سياسي ومواجهات دموية بين النظام والمتظاهرين. حدثت كل هذه الأحداث قبل انطلاق شرارة “الربيع العربي” بما يربو على العام ونصف العام تقريبا.
ورغم القيود التي فرضتها السلطات الإيرانية على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية التي تبث من الخارج، إلا أن الشارع الإيراني قد تابع – ولا يزال – عن كثب التطورات التي شهدتها وتشهد ها منطقة الشرق الأوسط، ويتوق إلى انتقال العدوى إلى الداخل الإيراني.


مما لا شك فيه أن سقوط النظام السوري يقوض التوغل الإيراني في المنطقة العربية، أما ظهور ربيع عراقي، فيعني اقتراب هذه الموجة من إيران، وبالتالي يهدد استمرار نظام ولي الفقيه. عليه فإنه من المؤكد أن طهران قد تستنفر كامل قوتها في العراق للحيلولة دون نجاح الحراك الشعبي فيه، وسوف ترمي بكامل ثقلها لإجهاضه، لأنها تعلم جيدا خطر ذلك على التوتر السياسي داخل حدودها. ولقد لوحظ في الأيام القليلة الماضية موجة عداء وتخوين واضحة ضد زعماء الحركة الإصلاحية في ايران، الذين لا يزالون تحت الإقامة الجبرية منذ ما يقارب العامين. 

كل ذلك يعد احترازات أولية من النظام الإيراني وتهيئة للشعب قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، والتي تأتي في ظروف عصيبة بالنسبة لطهران، حيث العقوبات الاقتصادية والتهديدات الغربية بسبب برنامج إيران النووي، إضافة إلى المستوى المعيشي المتدني للمواطن الإيراني. لهذا كله فإن النظام الإيراني يشعر بقلق كبير مما يجري على الساحة العراقية، التي تعد بعد سقوط النظام السوري آخر حصون ايران في المنطقة العربية، هذا من جانب، ومن جانب آخر، وهو الأهم بالنسبة لقادة طهران، هذا الحراك (ما يجري في العراق) قد يؤثر في الشارع الايراني ، وبالتالي استغلال الانتخابات القادمة لتصفية الحسابات مع النظام القائم والسير على خطى “الربيع العربي”، الذي يراه بعض الشباب الايراني تأثر كثيرا بأحداث الشارع الإيراني في عام 2009، وبالتالي قد يراهن هؤلاء الشباب على قدرتهم على تكرار ذلك في إيران خلال صيف العام الميلادي الجاري.

همسة: المراهنة على تغييب الحدث عن الشارع لم يعد خياراً مجدياً وفعالاً، بل إن ذلك يزيد من غضب الشارع ويقوي إصراره على تحقيق أهدافه، الأمر الذي لم يأخذه بعد النظام الإيراني في الحسبان. 

المصدر: مجلة المجلة