تويتر

الأربعاء، 25 يناير 2012

هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟



شؤون إيرانية:

نشرت مجلة نيويورك تايمز في عددها الصادر اليوم الأربعاء (25-1-2012) تقريرا مطولا عن إسرائيل وإيران في محاولة للإجابة على سؤال ما إذا كانت الأولى ستقوم بشن هجوم عسكري ضد الأخيرة. وقد جاء التقرير المعنون بـ "هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟-Will Israel Attack Iran?"، في حوالي 11 صفحة وقام بكتابته رونين بيرجمان(Ronen Bergman)، المحلل لصحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية ومؤلف كتاب "الحرب السرية مع إيران- ‘‘The Secret War With Iran’’ " وهو كاتب متعاون مع مجلة نيويورك تايمز أيضا. قابل المؤلف شخصيات سياسية كبيرة من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي وضباط استخبارات من الصف الأولى في الموساد والسي أي أي. كما سبق وأن كان ضمن فريق صحفي التقاء في عام 2010 برئيس الاستخبارات الإسرائيلية وتحدثوا خلال اللقاء حول الأوضاع السياسية في المنطقة وعلى رأسها العلاقات الإسرائيلية الإيرانية.

كان من الصعوبة بمكان أن أقول بترجمة كامل المقال إلى اللغة العربية إلا أنه  وكما يقال ما لا يدرك جله لا يترك كله فارتأيت تلخيصه ونقل ما اعتقد بأنه مهماً ومحوريا في الموضوع وبطبيعة الحال يمكن الرجوع إلى المقال الأصلي لمزيد من التفاصيل أو قراءة المقال كاملاً في موقع المجلة على الأنترنت. 

بدأ المقال بالحديث عن مقابلته مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يهود باراك،التي استمرت في لقاءهما الأول لساعتين ونصف الساعة، تحدثا فيها عن وجهة نظر رئيس الموساد السابق الجنرال مائير داجان حول التقليل من خطر إيران وبرنامجها النووي وأنه ليس على أقل تقدير على المدى القريب وأن نتائج الهجوم على إيران ستكون كارثية، فاستشاط باراك غضباً وقال أنني وداجان مسئولان وبشكل مباشر عن ضمان أمن واستقرار إسرائيل. كما طرح باراك ثلاثة أسئلة مفصلية وهي:
1- هل تملك إسرائيل القدرة على إلحاق أضرار جسيمة بمواقع إيران النووية وإحداث تأخير كبير في المشروع النووي الإيراني؟ هل بإمكان الجيش والشعب الإسرائيلي الصمود في وجه الهجوم المضاد الذي لا مفر منه؟
2- هل تملك إسرائيل الدعم العلني والضمني خاصة من قبل أمريكا لتنفيذ الهجوم؟

3- هل استنفدت كل الاحتمالات الأخرى لاحتواء التهديد النووي الإيراني، وبذلك وصلت إسرائيل إلى نقطة الملاذ الأخير؟ إذا كان الأمر كذلك، هل هذه هي الفرصة الأخيرة للهجوم؟
فجاءت الإجابة من باراك بأنه ومنذ ظهور التهديد النووي الإيراني في منتصف التسعينات، فإن بعض أقوى  قادة إسرائيل يعتقدوا أن الرد على كل هذه الأسئلة هو نعم.

يرى الكاتب كذلك بأن باراك ونتنياهو غير متأكدين من نجاح الموساد على المدى الطويل في إبطاء برنامج إيران النووي.  حيث يرى أنه ومنذ بداية ولايتهما (باراك وزيرا للدفاع في حزيران 2007 ، نتنياهو رئيسا للوزراء في مارس 2009)، فقد كانا يؤمنان بالرأي القائل بأن على إسرائيل يجب أن يكون خيارها العسكري جاهزا في حالة فشل الجهود السرية. وأمر باراك باستعدادات عسكرية واسعة للهجوم على إيران و لا تزال هذه الاستعدادات مستمرة حتى يومنا هذا، وأصبحت أكثر تكرارا واصراراٌ في الأشهر الأخيرة. وقال انه ليس وحده قلق من أن عمليات الموساد السرية، جنبا إلى جنب مع العقوبات الدولية ضد إيران، لن تكون كافية لردع طهران. وأضاف أن الاستخبارات العسكرية تعاني من تراجع الحماس. وقال أن ثلاثة من كبار ضباط الاستخبارات العسكرية، أحد هم لا يزال على رأس العمل واثنان قد تقاعدا مؤخرا، قد أخبروني بأنه و مع كامل  الاحترام  لمحاولات داجان لإبطاء المشروع النووي الإيراني، إلا أن  إيران لازالت نحقق تقدما ملحوظاً. وأشار أحد إلى أن عمليات إسرائيل ضد البرنامج النووي العراقي في أواخر السبعينيات، عندما تمكن الموساد من تصفية بعض من العلماء العاملين في المشروع وتخويف الآخرين. ففي ليلة 6 أبريل 1979، دخل فريق من عملاء الموساد إلى الميناء الفرنسي في مدينة لا سين سور مير وفجروا الشحنة اللازمة لنظام التبريد المفاعل العراقي الذي كان يجري تصنيعها في فرنسا. لم تتمكن الشرطة الفرنسية من العثور على منفذي هذه العملية، كما أعلنت منظمة غير معروفة للدفاع عن البيئة مسئوليتها عن الحادث.

لقد كان الهجوم ناجحا ، ولكن بعد عام واحد تم إصلاح الأضرار وأحبطت الجهود لتخريب أخرى. تقدم هذا المشروع حتى أواخر عام 1980 ، عندما اكتشف أنه قد تم إرسال شحنة من قضبان الوقود التي تحتوي على اليورانيوم المخصب من فرنسا إلى بغداد، وكانوا على وشك أن تغذي قلب المفاعل. حينها رأت إسرائيل  أنه ليس لديها خيار آخر سوى شن عملية "أوبرا"، وهي غارة جوية مفاجئة في يونيو 1981 على مفاعل أوزيراك ، خارج بغداد

وبالمثل، يقول  منتقدوا داغان، تمكن الإيرانيون من التغلب على معظم النكسات واستبدال العلماء الذين تم اغتيالهم بآخرين. وفقا لأحدث المعلومات، فإن لدى إيران الآن نحو 10000 جهاز طرد مركزي يعمل بفاعلية، ولديهم تبسيط عملية تخصيب اليورانيوم. كما لدى إيران حاليا خمسة أطنان من المواد الانشطارية من درجة منخفضة وهي كفاية عند تحويلها إلى مواد عالية الجودة لصنع نحو خمس إلى ست قنابل، كما أن لديها حوالي 175 رطل من المواد متوسطة المستوى، والتي بحاجة لحوالي 500 رطل لصنع القنبلة. ويعتقد علماء ايران أنهم قادرون على ذلك وأن ذلك يستغرق لتسعة أشهر من لحظة تلقيهم الأوامر وتجميع أجهزتهم المتفجرة الأولى وستة أشهر أخرى لتكون قادرة على الحد منه لأبعاد حمولة صواريخ شهاب-3 القادرة على الوصول الى اسرائيل. انهم يسيطرون على المواد الانشطارية في مواقع مختلفة في أنحاء البلاد، وعلى الأخص في منشأة فوردو قرب مدينة قم المقدسة ، وتشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أنه هذا المصنع يقع في قبو بعمق 220 قدم  في باطن الأرض، بعيدا عن متناول حتى قنابل أمريكا المتقدمة والمضادة للتحصينات. .

بعد ذلك تحدث الكاتب عن عدة نقاط من ضمنها مدى تورط إسرائيل في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين واتهامات إيران لمجموعات مثل جند الله ومجاهدي خلق بالتعاون مع إسرائيل والموساد الإسرائيلي، الأمر الذي أنكرته إسرائيل مرات متكررة

ثم نقل الكاتب عن باراك الذي يعمل أيضا كممثل لإسرائيل في التنسيق مع الولايات المتحدة بخصوص إيران. يقول باراك حول الهدف الذي تسعى طهران إلى تحقيقه بحصولها على السلاح النووي: "إن القنبلة الإيرانية ضمان لبقاء النظام الحالي، والتي بدونها لن يتمكن نظام الملالي من الاحتفال بالذكرى الـ 40 على قيام الثورة في ضوء الإعجاب الذي قدمه جيل الشباب في إيران للغرب (يقصد هنا أحداث ما بعد انتخابات 2009)

ثم تحدث باراك عن إمكانية فتح باب سباق نووي في المنطقة قائلا: " في اللحظة التي تصبح فيها  إيران دولة نووية، ستكون البلدان الأخرى في المنطقة مضطرة إلى أن تفعل الشيء ذاته. فالسعوديون أعلنوها صراحة وأبلغوا الأميركيين بذلك ، ويمكن للمرء أن يفكر في كل من تركيا ومصر في هذا السياق، ناهيك عن الخطر المصاحب لتصنيع مثل هذه الأسلحة حيث من الممكن أن تتسرب الأسلحة والمواد الأولية لتصنيعها إلى الجماعات الإرهابية

ثم انتقل الكاتب إلى مقابلة أخرى اجراءها مع مسئولين إسرائيليين حيث قال أطلعني مصدر امني إسرائيلي كبير جدا بأن " الأمريكيين يقولوا لنا أن الوقت لازال مبكرا لإيران لانتاج سلاحها النووي، ونحن نقول لهم إن لديهم  ما بين ستة إلى تسعة أشهر فقط، وبالتالي ومن أجل استنفاد هذا المسار، فإن العقوبات يجب أن تقر وتفعل فوراً".

ثم تطرق الكاتب لمقابلة أخرى مع مسئول إسرائيلي لم يكشف عن هويته. يقول ابلغني مصدر كبير في المخابرات الإسرائيلية  بتذمره من الأمريكيين في التعامل مع هذه القضية:"لقد فشلت في فهم منطق الأمريكيين، أنني أتفهم من يقول إننا سوف نمنع إيران من إنتاج السلاح النووي بالدعاء والأمل في مزيد من الخلل في أجهزة الطرد المركزي. واستوعب جيدا من يقول أن علينا أن نقوم بالهجوم فورا لكي نوقف هذا البرنامج ، ولكن أن يقول أحدهم أننا سنوقفهم بعد أن يحصلوا عليه فعلياً فإنه لا يمكنني فهم ذلك إطلاقا".

بعدها يستعرض  الكاتب وجهة نظر أخرى ألا وهي نظرة يعلون، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي. يقول الكاتب أخبرني يعلون في شهر أكتوبر الماضي بالتالي: "كان هناك نقاش وأخذ ورد بيننا وبين الإدارة الأميركية على مدى العامين الماضيين، ولكن في ما يتعلق بالمسألة الإيرانية فإننا تمكنا إلى حد كبير من سد الثغرات كافة الثغرات. تصريحات الرئيس بوش في لقائه الأخير مع رئيس الوزراء --  يقصد تصريحات اوباما "نحن ملتزمون بمنع" و "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" -- مهمة للغاية. العقوبات بدأت بعد فوات الأوان ، لكنهم انتقلوا من سياسة الانخراط إلى سياسة (عقوبات) أكثر جدية ضد إيران. من جهة أخرى، تنهد يعلون واعترف: التحدي الحقيقي ينتظرنا. هذا واضح ".

والآن وبعد أن طرحت النقاط المتفق عليها إلى حد كبير، فإن الحجج التي يتنبأ بها يعلون هي تلك التي سوف تتصدى للسؤال عن آلية التصرف أو الفعل -- ماذا سيحدث في حال قررت إسرائيل أن الوقت قد حان للتدخل. المسألة الأكثر حساسية بين البلدين ماهية الإشارة التي سترسلها أمريكا إلى إسرائيل و ما إذا كانت إسرائيل ستبلغ أمريكا عن قرار الهجوم مقدما.

ماثيو كرونيج زميل في برنامج ستانتون  للأمن النووي التابع لمجلس العلاقات الخارجية، وعمل كمستشار خاص في وزارة الدفاع من يوليو 2010 إلى يوليو 2011. كان إحدى مهامه السياسة الدفاعية والإستراتيجية بشأن إيران. تحدثت إلى مرونيج الأسبوع الماضي حول الموضوع وقال: "ما أفهمه هو أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل عدم مهاجمة إيران، كما يجب عليها إشعار واشنطن عندما تحدد ساعة الصفر. إلا أن الرد الإسرائيلي جاء بالرفض و لكلا الطلبين. لقد رفضت إسرائيل ضمان عدم مهاجمتها لإيران  أو تقديم إشعار مسبق، " وتابع كرونيج" في اعتقادي إن إسرائيل ستقرر إخطار واشنطن قبل قرار الهجوم بساعة أو ساعتين فقط، وهو ما يكفي فقط للحفاظ على العلاقات الطيبة بين البلدين ولكن لا يكفي تماما للسماح لواشنطن بمنع الهجوم "

في نهاية المطاف،يقول الكاتب، فإن الهجوم الناجح لن تزيل الخبرة العلمية  التي يملكها علماء مشروع إيران النووي ، وأنه من الممكن أن إيران ، وبالأخذ في الاعتبار بنيتها التحتية التكنولوجية المتطورة جدا ، ستكون قادرا على إعادة بناء المناطق المتضررة أو المدمرة. ما هو أكثر من ذلك، وعلى العكس  من سوريا التي لم ترد بعد على تدمير مفاعلها النووي في عام 2007،فإن  إيران أعلنت صراحة إنها سترد وبشراسة متى ما تعرضت لهجوم. إيران لديها المئات من صواريخ شهاب مسلحة برؤوس حربية يمكن أن تصل إلى إسرائيل ، وأنها يمكن أن تسخر حزب الله لضرب البلدات الإسرائيلية بصواريخها التي تبلغ 50000 ، وبعضها يمكن أن يصل إلى تل أبيب. سلاح الجو الإسرائيلي يملك طائرات لديها القدرة طويلة المدى والكفيلة  بإيصال ذخائرها إلى أهداف في العمق  الإيراني ، فضلا عن عدد من الطائرات بدون طيار القادرة على حمل قنابل لتلك الأهداف ولديها المقدرة على البقاء جوا لمدة تصل إلى 48 ساعة. وتعتقد إسرائيل أن هذه المنصات لديها القدرة على إلحاق أضرار بما يكفي لإعادة  المشروع النووي الإيراني إلى الوراء لثلاث إلى خمس سنوات

ويختم الكاتب مقاله بأنه وبعد التحدث مع العديد من القادة الإسرائيليين الكبار وقادة الجيش والاستخبارات، لقد وصلت  إلى الاعتقاد بأن إسرائيل ستضرب إيران في عام 2012. ربما  كان هناك مخرج ضئيل جدا ولكنه تقلص أكثر بشكل كبير ومن أي وقت مضى، ألا وهو أن الولايات المتحدة سوف تختار التدخل في نهاية المطاف، ولكن هذا، و من وجهة النظر الإسرائيلية، ليس هناك أمل كبير لذلك. البديل عن ذلك هو أنه يوجد مزيج غريب من الخوف الإسرائيلي -- المتجذر، بمعنى أن إسرائيل تعتمد على دعم ضمني من الدول الأخرى من أجل البقاء -- والمثابرة، وإدانة عنيفة، صحيحة أو خاطئة، إلا أن الإسرائيليين في نهاية المطاف لديهم المقدرة على الدفاع عن أنفسهم  .



محمد

ليست هناك تعليقات: