تويتر

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

الشباب الإيراني بين اسمين وهويتين


 صورة ضوئية لأعلان تغيير اسم الدولة من بيرشا الى إيران عام 1935 م في إحدى الصحف الإيرانية ومقال للكاتب الإيراني الشهير سعيد نفيسي حول الموضوع
شؤون إيرانية:
 

اقترح أحد الصحفيين الإيرانيين في الخارج أن يتخلى الشارع الإيراني عن ترديد التكبير "الله أكبر" خلال المظاهرات أو أي تجمع شعبي وجماهيري مشابه.  يقول هذا الكاتب، الذي يكتب ويعد لكثير من برامج إذاعة زمانه الناطقة بالفارسية ومقرها أمستردام، يلاحظ المتابع لوسائل الإعلام العالمية  أن العمليات الإرهابية والتي تتخذ من العنف سياسة لها دائما ما تردد شعار "الله أكبر" وأصبحت هذه العبارة ملازمة لجميع هذه العمليات الأمر الذي جعل الكثير ممن هم خارج العالم الإسلامي ينظرون إلى هذه العبارة بأنها عبارة عنيفة وخشنة ملازمة للجماعات الإرهابية.

وأضاف الكاتب أن المظاهرات التي أعقبت نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران عام2009 رددت هذا الشعار كثيرا ولم يكن هدفهم تأكيد الشعار الذي رافق ثورة 1979 إطلاقا بل على العكس تماما فكان استخدام هذا الشعار نوعا من التنديد بالنظام الحالي في البلاد..

وأكد الكاتب أن هذا الشعار يعطي صورة سلبية عن المجتمع الإيراني، كما أن هذا الشعار ليس فارسياً بل عربياً بحت مضيفا أن إحدى المشاكل التي تواجهنا كإيرانيين في الخارج هي أن كثير من الناس يعتقدون أننا جزء من العالم العربي ويعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها أن الهيئة التي يظهر بها  رجال النظام الحالي ورجال الدين تبدو عربية من حيث الملبس والسلوك، على حد قوله..

ثم يقدم دليلاً آخراً للفهم الخاطئ لدى البعض حول  الدولة التي ينتمي إليها  ألا وهو أن اسم ايران عندما يكتب باللغات الأجنبية Iran  يشابه إلى حد كبير اسم دول عربية وهي العراق Iraq. ثم يعرج على تاريخ تغيير اسم إيران باللغات الأجنبية والذي تم خلال فترة حكم رضا شاه بهلوي وتغيير الاسم من  Persia  إلى إيران. يقول: على الرغم من أن هدف الشاه كان نبيلا وإيضاح أن إيران لها تاريخ قديم وعريق وأنها الموطن الأصلي للعرق الآري إلا أن النتائج جاءت هذه الأيام على  العكس تماما.. حقيقة الأمر أن عدداً من الإيرانيين في أوروبا وأمريكا الشمالية يحاولون قدر المستطاع تصحيح فكرة الغربي بأن إيران جزء من العالم العربي  ولكن المشاهد التي تأتي من إيران تردد شعار الله اكبر تنسف كل هذه الجهود.

فكرة كهذه  ليست حكرا على هذا الكاتب دون غيره، بل أن عددا كبيرا من الإيرانيين، خاصة من يعيش منهم في المنفى (طوعاً أو كرهاً) يعاني من مشكلة حقيقية من ناحية الهوية، وقد سبق وأن كتبت عن ذلك عدة مقالات في هذه المدونة، لكن الشيء المختلف في المقال أعلاه هو ما يمكن أن يطلق عليه ثورة فكرية مضادة، ليست فقط ضد أسس ومنهجية الجمهورية  الأسلامية في ايران بل ايضا ضد خطوة رضا شاه  بهلوي الذي أمر في عام 1935 بتغيير اسم الدولة بسبب التأثر الكبير بالفكر النازي في ألمانيا ومعتقدات هتلر بتفوق العرق الآري، وهو العنصر الذي يعتقد البعض أنه رابط كبير بين ايران وألمانيا. يحاول كثير من الشباب الإيراني في الخارج أن يتجنب تقديم نفسه على أنه من ايران، ولعل البديل الجاهز هو بيرشا Persia، حيث يرى في ذلك تاريخ عريق يفتخر بالأنتماء إليه بينما يرى انتماءه لإيران يعني الرجعية، الإرهاب وتقييد الكثير من الحريات ولا ننسى الخلاف السياسي بين إيران والغرب، الأمر الذي قد يرى فيه هؤلاء الشباب سبب لاحتقارهم أو النظر إليهم بعين الازدراء .

إضافة إلى المقال المشار إليه أعلاه، فقد قام بعض الشباب الإيرانيين بطرح استفتاء  على الانترنت حول هذا الموضوع . تحدث الكثيرون منهم – ويبدو أنهم معظمهم خارج إيران- حول إيجابيات وسلبيات هذين الاسمين (
Iran/Iranian or Persia/ Persian).بنظرة سريعة على ردود المشاركين تدرك أن النغمة السائدة هي تفضيل Persia/ Persian على الأخرى. إضافة إلي النقاط التي تطرق لها المقال أعلاه، يقول أحدهم "عندما أكون في محيط إيراني! فأني  أفضل أن أقدم نفسي كإيراني أما عندما أكون مع أجانب أو سواح فإني أميل أكثر إلى فارسي Persian ". كذلك قال أحدهم أن بيرشا  كلمة راقية وتاريخها عريق بل ومرتبطة بأشياء جميلة كالسجاد والقطط الفارسية  (Persian Rug - Persian Cat). البعض أيضا أشار إلى رغبته في تقديم نفسه بهذا الاسم ليقول أنني لست عربيا ولا أفغانيا بل فارسي اشترك مع الأوروبيين من الناحية الأثنية  في العرق الآري.

على الجانب الآخر قالت إحدى المشاركات: يجب أن نقدم أنفسنا على أننا إيرانيون فلم يعد هناك شيء اسمه بيرشا(Persia)، ربما كبار السن (تقصد من ولد قبل تغيير الاسم) يحق لهم اختيار الاسم الذي يرونه مناسبا أما نحن الجيل الجديد فلم نعش تلك الحقبة الزمنية وبالتالي لا نعرف سوى إيران وإيراني.. وعندما يتهموني أو بلادي بالإرهاب فإنني أوضح الصورة وأقول بكل جرأة أنني لست إرهابية.. كما أضافت هذه المشاركة نقطة جميلة وهي أن غالبية الأجانب يدركون أن اسم  بيرشا لم يعد له أي وجود وعندما تقدم نفسك بأنPersian  قد يواجهونك بالحقيقة التي تهرب منها و يطرحون عليك مباشرة السؤال التي: لماذا تقول أنك فارسي ولست إيراني، هل تشعر بأي نوع من الخجل عندما تقدم نفسك كإيراني؟

ختاما، نستطيع القول أن عدد من الشباب الإيراني يحاول تقديم نفسه بأنه فارسي ليقول أنه لا ينتمي إلى النظام الحالي في إيران وأنه مختلف عن ذلك تماما ولعل السبب الرئيسي في ذلك تجنب النظرة العنصرية التي قد يواجهها خارج إيران وفي الغرب تحديدا. كذلك هناك من يحاول استخدام
Persia or Persian  ليقدم نفسه بأنه غير عربي خاصة عندما يكون هناك خلط بين العراق وإيران أو تجنباً لاتهامه بالإرهاب..  تجدر الإشارة إلى أن تقديم الإيراني نفسه كفارسي فيها الكثير من تهميش الأقليات العرقية الأخرى في إيران فليس كل من يسكن في إيران ينتمون إلى العرق الفارسي فهناك العرب، الأتراك الأذريين، اللور، التركمان، البلوش وغيرهم الكثير ممن يعيش داخل حدود الدولة الإيرانية ولكنهم لا ينتمون إلى العرق الفارسي..

السؤال هنا: هل سيتم العودة إلى الاسم القديم
Persia   ؟ سوف تتضح الإجابة على هذا السؤال في حالة واحدة، ألا وهي  سقوط النظام الحالي في إيران.


محمد


ليست هناك تعليقات: