شؤون إيرانية:
بقلم الكاتب والناشط السياسي الإيراني سيد ابراهيم نبوي
لكي يتم تحليل الأوضاع الحالية في البلاد بشكل دقيق، أعتقد أنه من الضرورة بمكان أن نستعرض بدايةً بعض المبادئ والأسس في إيران:
1) آية الله خامنئي هو المحدد الأساسي لمستقبل البلاد. هناك نقطة أساسية متعلقة بشخصه وتقودنا نحو تقدير الأوضاع المستقبلية، ألا وهي قوله "أنني لن اسمح بزوال هذه الحكومة ما حييت، ولا أكترث لما يحدث لها بعد مماتي. أنا لست مسئولا عن التاريخ ولكن مسئوليتي أمام الله"
2) الحكومة غير مستعدة بأي حال من الأحوال أن تهيئ الظروف لتجعل الشعب يلجأ إلى الشارع أو تقبل وبتصريح من الحكومة – على سبيل المثال الخروج إلى الشارع في ظروف كالأنتخابات- أن تحتشد الجماهير خاصة في المدن الكبيرة، لا سيما طهران. لهذا فهي تسعى جاهدة أن تجرى الأنتخابات من دون أنصار الموجة الخضراء وأن تكون فترة الحملة الأنتخابية قصيرة والسيطرة على الحشود سهلة وميسرة، كما أن الحكومة ترتعب من تواجد الناس في الشارع أكثر من نتائج الأنتخابات ذاتها. إنهم يسعون إلى إقامة الأنتخابات البرلمانية (انتخابات مجلس الشورى) دون مشاركة الاصلاحيين وأنصار الموجة الخضراء، ومن ثم يقررون استبدال منصب رئيس الجمهورية برئيس للوزراء، وبالتالي يتم التخلص من الموجة الخضراء (القتنة) وكذلك مؤيدي أحمدي نجاد (الحزب المنحرف).
3) لقد نجحت الحكومة و إلى حد كبير في فصل رؤوس زعماء الأصلاحيين عن أجسادهم (تم تعطيل موسوي وكروبي وخاتمي وهاشمي رفسنجاني ) وبالتالي فقد جسد الاصلاحيين والخضر في الداخل إمكانية الأتصال ببعضهم البعض (اصبحت الأحزاب ووسائل الأعلام عديمة الفائدة). المعارضة من غير انصار الموجة الخضراء تقاتل عندما يكون هناك تواجد للخضر، وعندما تكون هذه الموجة صامنة، فحينها لا نسمع لهم أي تصريحات أو نشاط ضد الحكومة وكأن الحكومة الإيرانية اصبحت في قبضة الخضر. من جهة أخرى، أفتقد جسد القوة الأجتماعية المعارضة مقدرته على التحرك والمناورة.
4) تستطيع الجمهورية الاسلامية بمفهومها الحالي تمديد فترة بقاءها لأطول فترة ممكنة وبسبب توقف النظام، انهارت كافة الجوانب الاجتماعية ( انتشرت الاضرار الأجتماية وتزايدت السلوكيات السلبية في المجتمع) و الفساد السياسي والمالي المتفشي (على كافة الأصعدة) وكذلك الفقر والبطالة و اتسعت رقعة الخلاف بين القوى داخل الدولة، لذلك كله فإن المؤشرات تقول أن الدولة والشعب -على حد سواء- على استعداد للدخول في حرب طاحنة، الدولة من أجل عسكره المجتمع أكثر وأكثر، والشعب يسعى للتخلص من الوضع الراهن الذي أجبر البيئة السليمة والصحية على التوقف.
فجوات الحكومة
ولاية الفقية:
يعيش آية الله علي خامنئي عزلة تامة، لقد أخرج جميع منتقديه ومعارضية من الساحة السياسية كما أنه وضع اصدقاء الأمس وحكومته المقربة تحت ضغط رهيب أيضا. لم تصل القيادة طيلة الثلاثة عقود السابقة إلى ما وصلت إليه هذه الأيام من الضعف وفقدانها لقوة مؤيدة داخل الحكومة والشعب. في ظل الصراع بين فريق رئيس الجمهورية والمرشد فقد خسر كل طرف مؤيديه وانصاره. فالقوة الأجتماعية - باستثناء مجموعة ضئيلة من الأشخاص الذين يحمون مجموعتهم بالمال- فقدت أسس الفكر والمعتقد خلال دعمها لمجموعتها. يدرك المؤيدون السابقون للمرشد أنه كان مخطئا جدا فيما يتعلق بأحمدي نجاد والتطورات الأخيرة، وعلى الجانب الآخر، يؤمن مؤيدو نجاد السابقيين بأنه شخص كاذب، ضعيف، ولم يوف بأي شيء من وعوده ، وأنه السبب الرئيسي في المشاكل التي تمر بها البلاد.
عصابة أحمدي نجاد:
نطلق على هذه المجموعة "عصابة" لأنها لا تتبع أي قواعد أو أصول حزبية واضحة وعلاقتها مبنية على أساس المصالح المشتركة لا أكثر. عصابة أحمدي نجاد ليس لديها ما تخسره، ولهذا عليها أن تنتصر. لقد حاول ومنذ بداية العام الحالي قدر الإمكان أن يتلافى إمكانية ابعاده من قبل البرلمان، ولكنه يود في الوقت ذاته أن يجمع حوله مخالفي الحكومة المتشددين من خلال بعض الشعارات ضد المرشد كان بعضها غامضاً والآخر علنياً ومباشراً. أنه يسعى أن يقدم نفسه بأنه شخص يسعى إلى إزالة النظام بأكمله وإلغاء ولاية الفقيه. ومن وجهة نظري الشخصية أعتقد أنه الشخص الوحيد الذي من الممكن أن يتخذ خطوة قد تصل إلى انقلاب ضد خامنئي أو يدعو امريكا والناتو وبشكل سري إلى التدخل في إيران عسكريا. خلال الشهر الماضي فقط أظهر نجاد عدم موافقته لتعليقات المرشد على الأقل أربع مرات (بخصوص الغزو الثقافي و كذلك الأسلاموية وبعض المواقف الأخرى). لقد أعلنت وزارة داخليته أن أحزاب "المشاركة"، مجاهدي الثورة و نهضة الحرية لا يمكنها الترشح للمجلس. يستغل نجاد إحدى مميزات خامنئي. الأخير لا يرغب في خلق معركة جديدة في مثل هذه الظروف لأنه ليس من أولئك الذين يفضلوا الصراعات السريعة والخاطفة، أما أحمدي نجاد فيملك المهارة الكافية في الرد السريع وفي الوقت المناسب. الأهم من هذا كله أن نجاد يعلم أن المرشد لن يتخلص منه لأنه لا يملك مثل هذه الفرصة على الرغم من أن التخلص منه لا يكلفه أكثر من مكالمة هاتفية إلى رئيس المجلس (البرلمان) ولن يستغرق تحقق ذلك أكثر من يومين. إلا أن نظام الجمهورية الإسلامية لا يملك القدرة على الدخول في نفق مخيف يكون فيه البرلمان بلا مهمة والحكومة من غير رئيس.
المحافظون المعتدلون:
تعتبر قوة المحافظون المعتدلون (ابتداء من هاشمي رفسنجاني ونهاية بلاريجاني و موتلفه وتوكلي وقاليباف) أهم القوى التي تملك القدرة على حمل العصا من المنتصف، ولكن هذا الأمر يتطلب منهم التضحية بمحمود أحمدي نجاد، ولكن، وكما قلنا سابقاً، الحكومة لا تملك القدرة والاستعداد لمواجهة مثل هذا الصراع . المحافظون المعتدلون لا يملكون قاعدة شعبية عريضة ومن المستبعد أن يحصدوا أصواتاً كثيرة في الانتخابات البرلمانية من أمام القوى المؤيدة لنجاد.
المحافظون المتطرفون:
لمواجهة الخضر ودعاة الاصلاح، يهدف هذا الفريق المعروف بجبهة الصمود إلى الاتحاد مع الاصوليين من جانب وعزل احمدي نجاد عن عصابته من جانب آخر. وحتى لو توصلوا إلى اتفاق مبدئي في هذا الصدد إلا أنه يظل خيارا مستبعدا، وجهد غير مثمر لأن هذين الفريقين، المحافظون المعتدلون والمتطرفون، لا يملكون مساندة شعبية تجعلهم في حاجة الى وحدة يمكن الرهان عليها أمام صناديق الأنتخابات. الأهم من هذا كله هو حقيقة أنه و بسبب هدر المال العام وعدم وجود رقابة على الانفاق الحكومي، لا يوجد أموال كافية تخصص لشراء الأصوات وبشكل منظم ومن المعلوم أن تكلفة ذلك اصبحت باهظة جدا. يجب أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أن احمدي نجاد هو من يقوم بتنظيم الانتخابات، إلا أن مجلس صيانة الدستور هو من يتحكم فيها وبطبيعة الحال فهو (المجلس) يدعم الفريق المنافس لنجاد. يبدو أن القوى المعارضة (مثل انصار الموجة الخضراء، الاصلاحيون، مؤيدوا العمال، العلمانيون المتطرفون) لن تشارك في الانتخابات البرلمانية. لهذا كله فإن الأهم هو نتائج الانتخابات وليس نسبة المشاركة فيها. الجمهورية الاسلامية تعلم جيدا أن الانتخابات لن تسجل رقم مشاركة عالية جدا ولا تعقد أي أمل على ذلك ايضا.
حالة القوات العسكرية:
على الرغم من أن قائد قوات التعبئة الشعبية (البسيج) الجنرال محمد رضا نقدي كان الأكثر حضورا من بين كافة القيادات العسكرية التي ابدت وجهة نظرها خلال الأشهر الماضية فيما يتعلق بالأوضاع السياسية إلا أنه وبسبب التوتر بين المرشد ونجاد فإن قوات البسيج تعد القوة الوحيدة التي يمكن أن تقوم باتصالات تنظيمية مع الحكومة والعمل بشكل منهجي في التصويت. خلال الستة عشر شهرا الماضية لم يتمكن أي تكتل منظم من اظهار عدد يمكن أن يكون فعالا ويفوق الخمسة ملايين الموالية لهذا الفريق. ربما لهذا السبب قد لا يكون هناك تأثير فعلي وواضح لقوات البسيج في نتائج هذه الانتخابات فمهمة البسيج في الاختيار بين قوتين متنافستين غير محدد على وجه الدقة كما أن طبيعة إجراء الانتخابات البرلمانية حيث الاتساع الجغرافي لصناديق الأقتراع لا يمكن تحويلها إلى أختيار أحد قطبين على حساب الآخر.
المعارضون للجمهورية الأسلامية ( في الداخل والخارج)
القوى العلمانية: اصيبت القوى العلمانية بشيء من الأرتباك والحيرة بسبب ثورات الربيع العربي. شاهد هذا الفريق الراغب في تغيير النظام أن الثورة التونسية على ديكتاتور علماني قد تتحول إلى ديمقراطية دينية، كما أن الاسلاميين المتشددين في مصر اظهروا اعمالا متطرفة و يسعون إلى اختطاف السلطة هناك، و الأوضاع في ليبيا لم تكن في حال أفضل بل توجهت إلى عنف شديد ولا أحد يعلم كيف سيكون للعلمانية أي قبول هناك. القوى العلمانية في الداخل لازلت تعمل في اطار الحركة الخضراء بينما تعمل القوى العلمانية في الخارج على العكس من ذلك تماماً. فعلى الرغم من حقيقة علمانية الحركة الخضراء والاصلاحين في الداخل، إلا أن الاشخاص الذين يطلقون على انفسهم مسمى العلمانية ويتصرفون بنحو مخالف للحركة الأخضراء ما هم في الواقع إلا ملحدون أو علمانيون يساريون. هذه القوى العلمانية، وبسبب الخوف من الرأي العام وأفكارهم السابقة أو الحالية، لا تجرأ على مطالبة امريكا أو أوروبا بالتدخل العسكري في ايران. عملياً هذه القوى ليست في حرب مع الدولة وكل ما لديهم هو مجرد خلاف وتوتر مع الحركة الخضراء. نشاطها خلال هذه الفترة اصبح يكاد لا يذكر. من ناحية أخرى، فقد تسبب مشروعهم الاستعراضي القائم على العلمانيين فقط في مزيد من اليأس والاحباط.
القوى الاصلاحية المعتدلة (مؤيدوا خاتمي وهاشمي رفسنجاني)
بسبب صمت هاتين الشخصيتين فأتباع هذه القوى ليس لهم أي نشاط يذكر سواء داخل إيران أو خارجها. على الرغم من أن أكثر التكنوقراطين متواجدون داخل أروقة النظام ولازالوا يتمتعون بشيء من السلطة، إلا أن الوقت الوحيد الذي يستطيعون فيه ممارسة دورهم السياسي الفعال ينحصر في حالتين هما إما أن يحدث تغيير حقيقي في النظام أو يظهر النظام وفي وضعه الراهن مبولاً تعود عليهم بالنفع. خلاصة الأمر أن لا يمكن التعويل عليهم بأي حال من الأحوال.
القوى الخضراء:
إن الحركة الخضراء هي القوة الفعلية النشطة داخل البلاد وخارجها. إلا أنهم يعانون ضغوطا كثيرة ومتنوعة. أولا، وبسبب الوضع المالي والتنظيمي ( سبب ضعفها التنظيمي هو ضعف بنيتها المالية وعدم القدرة على توليد واستقطاب الأموال لتمويل أنشطتها) فقد تراجعت تحركاتهم يوما تلو الآخر. عدم دعم ومساندة الغرب (امريكا وأوروبا) لهذه الحركة والتوجس من أفكار زعماءها (متدينون، معادون للغرب...الخ) أدى إلى تعرضها للشلل بشكل تام. تواجه وسائل الأعلام التابعة للموجة الخضراء مشاكل مالية كبيرة لأنها ترغب أن تكون مستقلة من الناحية المالية عن أي دولة أجنبية. فمحطاتها التلفزيونية يمكن التشويش عليها بسهولة كما تواجه مواقعها على الأنترنت أزمة مالية كبيرة. إضافة إلى ذلك ، فقد تخلت وسائل الأعلام الحكومية في الغرب عن القوى الداعمة للموجة الخضراء (صوت امريكا استبعد بعضا منهم).الواقع يقول أن سياسة محطة صوت امريكا تتآمر على الديمقراطية في ايران وتتصرف بطريقة تصب في مصلحة السياسات المستقبلية للحكومات الامريكية والايرانية (إما الحرب أو التفاوض والمصالحة) ولا تعير أي اهتمام بالرأي العام الايراني.
القوى المتطرفة: (منظمة مجاهدي خلق وانصار الملكية):
لا ينبغي أن تقيّم القوى التي تفكر في الثورة أو الهجوم العسكري و الحرب على النظام على أساس مقدرتها على ضرب النظام القائم بل على أساس مدى قبول الرأي العام الإيراني لها في الداخل. هذه القوى لا تملك في الوقت الراهن القدرة على العمل كما أنها لا تحظى بقبول المجتمع الايراني في الداخل.
الأحتمالات الممكنة:
الخيار الأول: انقلاب ضد عصابة أحمدي نجاد:
إن لم يعزل المرشد وأنصاره نجاد فإن الأخير سيسعى إلى الفوز بغالبية مقاعد البرلمان من خلال استخدام شعاراته المظللة هذا في حالة عدم لجوءه إلى المواجهة واللعب على المكشوف. قد يتمكن ممثل فريق نجاد من السيطرة على السلطة، بغض النظر عمن يكون، في حالة إقامة الانتخابات الرئاسية أو تعيين رئيس وزراء بواسطة البرلمان، إلا أن عصابة نجاد ستدير اللعبة كما فعل بوتين و مدودف. في هذه الحالة، أقصد فوز فريق نجاد في انتخابات المجلس، سيتم سحب البرلمان من يد المرشد من خلال انقلاب ناعم و بالتالي فبدلا من أن يواجه المرشد مشكلة واحدة (رئيس الجمهورية) سيواجه مشكلتين (البرلمان ورئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء). عليه فإنه من غير المستبعد أن تقرر عصابة نجاد السيطرة على السلطة من خلال عزل المرشد. من المحتمل أن يفضلوا هذا الخيار بل ومن المتوقع في حالة نجاحهم في ذلك أن يفوزوا بتأييد المجتمع الإيراني وربما العالم بأسره. مع هذا كله فيجب القول أنه لا يوجد أي تقييم عسكري دقيق لنجاح هذا الأنقلاب أو مواجهته.
الخيار الثاني: هجوم عسكري اسرائيلي، الناتو أو امريكا ( أو تحالفهم جميعا):
أعتقد أن هذا الأحتمال يفوق البقية وقد ينجح إن تم تنفيذه في الوقت الراهن. نتائج هذا العمل قد يجنب العالم الأزمة المتسارعة حالياً، بمعنى أن تغيير النظام الحالي في إيران سيحل للغرب وبشكل تلقائي الأزمات التي يواجهها في سوريا، لبنان، فلسطين، البحرين، العراق، وافغانستان ايضا. عندما تتخذ امريكا والدول الأوروبية قرار الخيار العسكري ضد ايران سيُظهر المجتمع الإيراني معارضته الشديدة للنظام الإيراني لأنه يعيش في الوقت الراهن تحت ضغوط رهبية وبالتالي لا يستطيع اظهار تلك المعارضة بشكل كبير، حينها سترتفع وتيرة العنف ضد الشعب مما يقود الغرب إلى التدخل لكي لا يتمكن آية الله خامنئي من إبادة الشعب. لدى المعارضون لوجهة النظر هذه ثلاثة أسباب تستبعد حدوث الهجوم العسكري: اولا، ردة فعل المجتمع الإيراني ضد أي هجوم أجنبي، ثانيا، معارضة روسيا للدول الغربية، وأخيرا، ستتورط امريكا في المستنقع الإيراني. أعتقد أن السبب الأول لا يمكن الرهان عليه في ظل أحداث الأعوام القليلة الماضية، فالشعب يكره وبشدة النظام الحالي وبالتالي فإنه يبدو من المستبعد أن يقف إلى جانبها في حالة تعرضها للهجوم . السبب الثاني يمكن اعتباره نوعا من الفكاهة ، فالروس لم يدافعوا قط عن مصالح إيران. قد يعلنوا معارضتهم للغرب في بداية الأمر ويحصلوا على فدية من الجانب الإيراني ومن ثم تحصل على فدية أخرى من امريكا وبالتالي يتنحوا جانبا. الروس لا يلتزمون بأي مبادئ اطلاقا. فيما يتعلق بالسبب الثالث الذي ذكره من يستبعد حدوث التدخل العسكري، يمكننا القول أنه خلال العشرة أو خمسة عشر عاما الماضية لم تدخل القوات الامريكية أو الاسرائيلية عملية عسكرية ويكون نتيجتها غير الانتصار. فيما يتعلق بحرب لبنان، قال البعض أن حزب الله انتصر لأن زعيمه لم يتعرض لأذى، بينما واقع الأمر يقول أنه تم تدمير 25% من قوات حزب الله كما تم تدمير كافة القواعد الحدودية وجزء كبير من أسلحته وعتادة العسكري. والأهم من هذا كله تعرض جزء كبير من البنية التحتية لدولة لبنان. على الجانب الآخر، لم يسبق لامريكا ايضا سواء في حروبها ( العراق وافغانستان) أو تدخلها العسكري (ليبيا) أن تبدأ عمليات عسكرية دون أن تنهيها بشكل تام. تبقى أن نقول أن الهجوم الجوي طويل الأمد والواسع على ايران سيعيدها من الناحية الحضارية! إلى الخلف عشرات السنيين ولكن الأسوأ من ذلك أن الهجوم البري والنتائج المترتبة عليه سيقضي على إيران كما حصل في النموذج الأفغاني تماما، ولكن المسئولية في هذه الحالة تقع على عاتق المرشد واحمدي نجاد، فهما قد اقفلا كل سبل الأصلاح الممكنة ناهيك عن إمكانية بقاء الجمهورية الإسلامية.
الخيار الثالث: الانهيار واستمرار الوضع حتى حصول حدث ما
ربما يكون هذا الخيار هو الأهم ولكنه أقل احتمالاً. في هذه الحالة يستمر الوضع الراهن دون أي توتر أو حدث معين. تستمر كافة أجنحة النظام جنبا إلى جنب. نجاد يتم عزله بشكل تدريجي، يعين خامنئي رئيس وزراء (قد يكون ولايتي، لاريجاني أو قاليباف). يزداد توتر علاقات إيران مع دول العالم وتصبح في عزلة تامة. يتحول البرلمان إلى مزيج من المحافظين المعتدلين (متجانسة المجلس؟). في حالة قام النظام والمعتدلون بفتح الساحة، فإن الاصلاحيين والخضر سيصلون حتما إلى السلطة ومن ثم يقوموا بتغيير النظام فعليا، أما أن ابقوا على اغلاق الساحة ، فإن المجتمع سيتعرض للانهيار بسبب الجمود السياسي والأزمة الأقتصادية وسيستمر التدهور حتى حصول حادثة غير متوقعة كوفاة المرشد أو حدوث ثورة أو حرب داخل النظام. نقصد بالانهيار أن يتحول المجتمع الإيراني إلى حالة مشابهة لدول أوروبا الشرقية، دول تعيش شعوبها في فقر ومعاناة حقيقية، النخب تسارع إلى الفرار من البلاد ومن ثم تتراجع أهمية الدولة شيئا فشيئا إلى درجة أنه لن يوجد أي معارضة مستعدة لدفع أي تكلفة مهما كان حجمها..
محمد (ترجمة فقط)