تويتر

الخميس، 2 يونيو 2011

زيارة للسعودية تتسبب في أزمة سياسية في طهران

دائما ما تحظى العلاقات العربية الإيرانية والدبلوماسية التي تتعامل بها تلك الدول مع بعضها البعض بكثير من الاهتمام على المستوى الداخلي والخارجي على حد سواء، إلا أن درجة الحساسية في ذلك تختلف من دولة لأخرى ولعوامل عديدة ليس هناك مجالاً لذكرها هنا.تولي إيران مثلا اهتماما كبيرا حيال حيال الطريقة التي تتعامل بها مع المملكة العربية السعودية بحكم أنها الثقل الإقليمي التي ترى فيه إيران منافساً لها في تحديد مسار كثير من الأوضاع السياسية في المنطقة.لذلك كله فقد أحدث ضغط أحمدي نجاد على وزير خارجيته علي أكبر صالحي للقيام بزيارة للرياض موجة من الغضب داخل الدوائر السياسية في إيران ، خاصة من قبل التكتل المناصر للمرشد الأعلى علي خامنئي على رغم أنه لم يصدر بعد أي بيان رسمي يؤكد هذه الزيارة.فقد عجت الصحف الإيرانية الصادرة هذا الأسبوع بكثير من المقالات التي تناولت هذا الجانب مما جعل وزير الخارجية صالحي يصرح مرات عدة و نفيه نيته في زيارة الرياض.وبغض النظر عن مدى إمكانية حدوث هذه الزيارة من عدمها إلا أن الجدل حول هذه الزيارة أوضح الطريقة التي تفكر بها التيارات السياسية في إيران في هذه المرحلة تحديداً خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع دول المنطقة.ولعلنا نلقي نظرة سريعة على أهم المواضيع التي تصدرت الصحف الإيرانية.
كتب رئيس تحرير صحيفة كيهان المقربة من المرشد خامنئي مقالا عبر فيه عن اعتراضه الكبير على هذه الزيارة حيث رأى أن زيارة وزير الخارجية للسعودية "مكافئة للمملكة على تدخلها في البحرين"على حد زعمهم واعتبر التخطيط لهذه الزيارة قد جاء نتيجة لتحركات مشبوهة داخل إدارة أحمدي نجاد.وأضاف الكاتب أنه و بناءاَ على بعض التقارير المؤكدة فأن هذه الخطة قد أتت بعد المحاولات الفاشلة خلال الأسابيع الماضية لأخذ موافقة السلطات السعودية على الزيارة التي حرص ويحرص عليها كثيرا نائب رئيس الجمهورية ومدير مكتب نجاد اسفنديار مشائي. 
لم يقتصر نقاش هذه الزيارة على الصحف الإيرانية المتشددة بل أن الموضوع قد وصل إلى البرلمان الإيراني وأعضاءه، حيث عبر بعض أعضاء البرلمان عن اعتراضهم الشديد على هذه الزيارة.فقد قال أحمد توكلي ، مدير مركز الأبحاث بالبرلمان أن سفر وزير الخارجية علامة واضحة على "ضعف السياسة الخارجية"في البلاد تجاه الأحداث والتغيرات في المنطقة.وأضاف "شخصياً أعتقد أن ضعف السياسة الخارجية بسبب رئيس الجمهورية لأن موقفه الضبابي سبب ارتباك في السياسة الخارجية".

كما علق المتحدث الرسمي باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإسلامي، كاظم جلالي، على هذه الزيارة خلال الجلسة العلنية للبرلمان بالقول أنه "ليس من المصلحة أن يسافر صالحي إلى السعودية". بل أن لغة الاعتراض على هذه الزيارة قد وصلت إلى مرحلة التهديد عندما صرح عضو لجنة الأمن القومي، جواد جهانجيرزاده لوكالة فارس شبه الرسمية بأن أعضاء البرلمان "لن يبقوا صامتون إن تمت هذه الزيارة".

حول هذا الموضوع يرى مدير مركز الدراسات الإيرانية العربية في لندن الكاتب والمحلل السياسي الإيراني عليرضا نوري زاده أن حجم هذه الهجمة الشرسة ضد سفر صالحي إلى السعودية استمرار لموقف الدوائر المقربة من المرشد ضد الدولة السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية.وقال في مداخلة له على إذاعة فردا الناطقة بالفارسية حول الموضوع أن ما حدث في البحرين أثار موجة حادة في الجمهورية الإسلامية في إيران وأن هذه الهجمات الشرسة والمتزايدة ضد السعودية لم تصل لما وصلت إليه طيلة تاريخ العلاقات بين البلدين، كما أن الموجه التي ظهرت في وسائل الأعلام الإيراني ضد السعودية لم نرها حتى عندما كان خامنئي رئيس للجمهورية وما صاحب تلك الفترة من أحداث وعلى رأسها قضية الحرم والحجاج الإيرانيين.وأضاف قائلا أن قضية العلاقات مع المملكة العربية السعودية لن يتم حلها من خلال زيارة عادية لوزير خارجية إيران إلى الرياض والتي قد رفضها الجانب السعودي سابقا.وأنه متى ما أرادت إيران أن تغير طبيعة علاقتها مع السعودية فإن ذلك لن يتم إلا من خلال العمل على بناء العلاقة بالطرق المعروفة.

وحول هدف أحمدي نجاد من هذه الزيارة قال نوري زاده أن أحمدي نجاد يسعى وبشكل ما وعلى النطاق الدبلوماسي الخارجي إلى ايصال رسالة مفادها أنه يجب أن يتم التعامل معه بشكل منفصل عن سياسة الجمهورية الإسلامية ، تماما كما فعل الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي نجح وبشكل كبير في ترميم علاقات ايران مع العالم ودول المنطقة على وجه التحديد.وأضاف أن نجاد قد تعرض خلال الفترة الماضية لضغوطات كبيرة من المرشد والدوائر المناصرة له في الداخل الإيراني، لذلك فإنه يسعى من وراء هذه الزيارة إلى ترميم صورته على المستوى الداخلي هذا من جانب والعمل على تحسين العلاقات الخارجية من جانب آخر.

وفيما يتعلق بدور المملكة العربية السعودية السياسي والدبلوماسي في المنطقة قال نوري زاده أن السعودية عامل مؤثر في المنطقة وأن كل حكومة إيرانية نجحت في الفوز بعلاقات جيدة مع السعودية استطاعت أن تبعد عنها مشاكل وخير وشر المنطقة.لذا فأن السعودية تعد عاملاً حاسماً في صورة ايران وعلاقاتها الخارجية فإذا حظيت إيران بعلاقات جيدة مع السعودية فإن ذلك سيؤثر ولا شك على نظرة العالم بما في ذلك أمريكا والدول الأوروبية إلى إيران. أنتهى

وفي الختام نقول أن النظرة الإيرانية تجاه السعودية سواء كانت سلبا أو إيجاباً مرتبطة ارتباطاً وثيقا بحالة الوضع الداخلي الإيراني ويعد التطرق لذلك مخرجاً من واقع معين تشهده البلاد وإلا لماذا كل هذه الضوضاء تجاه خبر لم يثبت ولم يعلن عنه بصورة رسمية أو شبه رسمية من كلا الجانبين.أليس الصراع الكبير بين القوى السياسية في إيران خلال هذه الفترة جعل إشاعة زيارة صالحي للرياض محوراً هاماً في تصفية الحسابات بين مؤيدي نجاد من جهة وأنصار المرشد الأعلى من جهة أخرى.
لذا تأتي هذه التصريحات خلال فترة شهدت فيها الأجواء السياسية داخل إيران كثيرا من التوتر بين أنصار أحمدي نجاد من جانب والتكتل المتشدد المناصر للمرشد الأعلى الذي رأى أن أحمدي نجاد ورفقاه يسعون و بشتى السبل إلى تحسين العلاقات بين السعودية وإيران بعد التوترات الأخيرة في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالأوضاع في البحرين بينما تحاول القوى المؤيدة للمرشد أن تعيق مثل هذه التوجهات والحيلولة دون حدوثها من جانب آخر.ولعل السبب، من وجهة نظري الشخصية، يعود هنا إلى حتم الصراع السياسي الداخلي خاصة بعد الصدمات التي تعرضت لها السياسة الخارجية الإيرانية خلال الفترة الماضية.فنجاد ونائبه يسعيان إلى إثبات وجودهما وربما تصحيح بعض الأخطاء التي وقعا فيها دبلوماسياً خلال الأشهر القليلة الماضية وبالتالي إعادة الأوضاع، على أقل تقدير، إلى ما كانت عليه قبل أحداث البحرين وما صاحبها من تدهور للعلاقات بين طهران ومعظم العواصم الخليجية والعربية.من جهة آخرى تريد القوى المحيطة بخامنئي إيقاف هذا "العبث السياسي" وإجبار نجاد على ترك المهمة هذه لتلك الدوائر.ولعل الجميع يتذكر جيداً مسألة إقالة نجاد لوزير الاستخبارات الإيراني ورفض المرشد لهذا القرار وما رافق ذلك من تأزم في العلاقة بينه حكومة أحمدي نجاد والمرشد خامئني.كل ذلك يصب في نقطة واحدة تقول أن دور أحمدي نجاد، على الأقل على المستوى الخارجي، قد وصل لمرحلة حاسمة في مستقبله السياسي، وربما وصل إلى نقطة ألا رجعه وهو بكل تأكيد مدعوماً بشكل كبير بنائبه مشايي الذي اتهمه خصومه بمحاولة ترتيب اتصالات مع مسئولين دبلوماسيين غربيين في تركيا والامارات العربية المتحدة.وهذه النقطة جعلت موقفهما محرجاً في الداخل لذلك كان التوجه للسياسة الخارجية البديل الأمثل بالنسبة لهما وهو الأمر الذي خلق الازمة التي نحن بصددها في هذا المقال.تبقى الخطوات القادمة غامظة نسبياً على الرغم من أن هناك مصادر تقول أن أحمدي نجاد أو نائبه سيكون كبش الفداء للخروج من هذه الأزمة وهذا أحتمال ليس مستبعداً تماماً لكن تظل التطورات القريبة القادمة من تحدد ذلك بكل تأكيد.

الجدير بالذكر أن علي اكبر صالحي قد خلف منوتشهر متكي في شهرديسمبر الماضي وقد صرح صالحي حين استلامه مهام وزارة الخارجية أن أولويات عمله ستكون توثيق العلاقات الدبلوماسية مع دول الجوار والعالم الإسلامي .وفيما يتعلق بالعلاقة مع المملكة العربية السعودية فقد قال صالحي أن المملكة تستحق أن تكون لها "علاقات سياسية خاصة"مع إيران مضيفاً أن "هاتين الدولتين لهما ثقلهما وتأثيرهما في العالم الإسلامي" ولديهما المقدرة على حل كثير من مشاكل العالم الإسلامي وقضاياه.

ليست هناك تعليقات: