شؤون إيرانية
(المقال التالي كتبته قبل أكثر من اسبوع وبعيد ظهور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية ولكن تأخر نشره هنا لظروف خاصة)
على الرغم من أن هناك دوائر انتخابية ستخوض دورة ثانية لتحديد الفائز بمقاعد البرلمان الإيراني في دورته التاسعة، إلا أن خصوم الرئيس الايراني المحافظين ادعوا وحتى الآن السيطرة على ثلثي مقاعد البرلمان المكون من 290 مقعدا. هذه النتائج وضعت المستقبل السياسي للرئيس محمود أحمدي نجاد على المحك بعد أن تجرأ على تحدي سلطة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي لمباشرة بعض الصلاحيات المنوطة بالمرشد الأعلى مثل السياسة الخارجية والاستخبارات.
أحمدي نجاد – الذي كان ينظر إليه في إيران كالابن المقرب للمرشد- اصبح ضعيفا من الناحية السياسية وقد تمر عليه الثمانية عشر شهرا الأخيرة من فترة رئاسته بطيئة وخطيرة فربما يصبح أول رئيس إيراني يتم استجوابه من قبل برلمان "معادي" منذ الثورة في عام 1979.
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً وإلى عام 2005 تحديدا فإننا سنتذكر كيف ظهرا أحمدي نجاد وخامنئي كحليفين مقربين وقد قبل الأول يد الثاني كعلامة للطاعة المطلقة، ولكن الخلافات وضعت الرئيس في موقف صعب بعد أن سعى ويشاع بأنه بتحريض من قبل صهره ومدير مكتبه، اسفنديار رحيم مشايي، لوضع بصمته على مناصب حكومية إستراتيجية تعد في تقاليد السياسة الإيرانية تحت السيطرة المباشرة للمرشد الأعلى وخطاً احمرا لا يمكن لأحد الاقتراب منها.
الحدث الأبرز في توتر العلاقة بين نجاد وخامنئي حدث في شهر ابريل الماضي عندما قاطع اجتماعات الحكومة لأكثر من أسبوع في احتجاج شخصي على قرار خامنئي إعادة وزير الاستخبارات، حيدر مصلحي، لمنصبه ورفض استقالته بعد أن قبلها أحمدي نجاد. ولعل هذا الخطأ الجسيم الذي وقع فيه نجاد وعلى الرغم من العلاقة التي تربطه بمصلحي ومساعدته له في قمع الاصلاحيين إبان نتائج الانتخابات المثيرة للجدل في عام 2009، قد قدم الفرصة وعلى طبق من ذهب للتيار المقرب من المرشد لاطلاق اسم "التيار المنحرف" على أحمدي نجاد والمقربين منه.
الحدث الأبرز في توتر العلاقة بين نجاد وخامنئي حدث في شهر ابريل الماضي عندما قاطع اجتماعات الحكومة لأكثر من أسبوع في احتجاج شخصي على قرار خامنئي إعادة وزير الاستخبارات، حيدر مصلحي، لمنصبه ورفض استقالته بعد أن قبلها أحمدي نجاد. ولعل هذا الخطأ الجسيم الذي وقع فيه نجاد وعلى الرغم من العلاقة التي تربطه بمصلحي ومساعدته له في قمع الاصلاحيين إبان نتائج الانتخابات المثيرة للجدل في عام 2009، قد قدم الفرصة وعلى طبق من ذهب للتيار المقرب من المرشد لاطلاق اسم "التيار المنحرف" على أحمدي نجاد والمقربين منه.
وعودة إلى موضوع الانتخابات البرلمانية، فإنه من المتوقع أن تمضي القوى المقربة من المرشد والتي تسيطر الآن وبشكل فعلي على البرلمان، تمضي قدما في استدعاء احمدي نجاد للاستجواب بشأن اتهامات عدة من بينها سوء الإدارة الاقتصادية في الوقت الذي تمر فيه البلاد بعقوبات غربية بسبب برنامجها النووي وهي الأقسى في تاريخ إيران من خلال وضع قيود مشددة على بنك إيران المركزي وبيع النفط. كما أن من المتوقع أن يواجه أحمدي نجاد الاستجواب بسبب صراعه مع خامنئي. هذا وعلى الرغم من أن نجاد ومؤيديه دائما ما يصفون الدورة الرئاسية الحالية بالأكثر نزاهة والأقل فسادا، إلا أن الواقع يقول أنها شهدت فساد مالي كبير واختلاسات بلغت ثلاثة آلاف مليار دولار، تعد هي الأكبر في تاريخ إيران ما بعد الثورة.
هذه الأخبار التي تظهر بشكل متسارع ليست بطبيعة الحال أخبار سارة لأحمدي نجاد والتيار المقرب منه. فخسارة حزبه في الانتخابات البرلمانية يعني مزيدا من الضعف السياسي وتقلص، إن لم يكن تلاشي، الفرص للانتخابات الرئاسية القادمة، الأمر الذي كان يخطط له هذا التيار من خلال بعض مرشيحه المقربين من نجاد ويأتي على رأس القائمة مدير مكتبه اسفنديار مشايي و حميد بقايي، نائب رئيس الجمهورية للشؤون التنفيذية و الرئيس السابق لمؤسسة التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية. فمع خسارة السباق على مقاعد البرلمان الذي يعتبر الخطوة الأولى نحو السباق الرئاسي، فإنه أصبح من المستبعد الضغط على البرلمان لتزكية أو دعم مرشح من خارج الدائرة المحافظة والمقربة من المرشد الأعلى . ويبدو أن الأخبار السيئة لا تأتي فرادا، فقد تلقت بروين أحمدي نجاد، الشقيقة الصغرى للرئيس محمود احمدي نجاد وعضو مجلس مدينة طهران، هزيمة ساحقة في الانتخابات التشريعية كممثلة للمدينة التي تنتمي إليها و مسقط رأسها، مدينة جارمسار بمقاطعة سمنان.
يذكر أن الاصلاحيين قد قاطعوا الانتخابات وهي دلالة كبيرة لحملات القمع ضد الاصلاحيين (تعرف بالموجة الخضراء) التي يتعرض رموزها مثل مير حسين موسوي ومهدي كروبي وزوجتيهما تحت الإقامة الجبرية منذ أكثر من عام. ومن هنا يمكن القول أن انتخابات الجمعة الماضية كانت بمثابة اجراء استفتاء على مكانة احمدي نجاد السياسية بعد ان حاول التعدي على صلاحيات خامنئي خاصة عندما يتعلق الأمر بسياسات حكومية محورية وحساسة مثل وزارة الاستخبارات والشؤون الخارجية.
يذكر أن الاصلاحيين قد قاطعوا الانتخابات وهي دلالة كبيرة لحملات القمع ضد الاصلاحيين (تعرف بالموجة الخضراء) التي يتعرض رموزها مثل مير حسين موسوي ومهدي كروبي وزوجتيهما تحت الإقامة الجبرية منذ أكثر من عام. ومن هنا يمكن القول أن انتخابات الجمعة الماضية كانت بمثابة اجراء استفتاء على مكانة احمدي نجاد السياسية بعد ان حاول التعدي على صلاحيات خامنئي خاصة عندما يتعلق الأمر بسياسات حكومية محورية وحساسة مثل وزارة الاستخبارات والشؤون الخارجية.
احمدي نجاد ينتظر ما ستأول إليه الأمور بعد أن تكتمل الصورة وبشكل رسمي ولعله اعترف بهزيمته مبكرا في هذه الانتخابات فالتعليق الوحيد الذي سمع منه بعد اغلاق صناديق الاقتراع يوم الجمعة الماضي هو شكره للإيرانيين لتوجههم إلى مراكز الاقتراع بأعداد كبيرة، واصفاً هذه الحشود بأنها قد تسببت في "خيبة أمل للأعداء وأولئك الذين يتمنون الشر لهذه البلاد" على حد قوله. خلاصة القول، أن المحافظين المتطرفين الذين سيحكموا قيضتهم على البرلمان وبالتالي ليس فقط يسعون إلى إلحاق الضرر بنجاد ومن تبقى من أنصاره في الحكومة الحالية بل أن الأمر قد يتعدى ذلك إلى التصويت على أهليته لمنصب رئيس الجمهورية في ظل المشاكل الأقتصادية والفساد المالي الكبير الذي اصبح العلامة الأبرز لدورته الرئاسية الثانية. هذا القرار إن حدث فعلاً فإنه قد يقود إلى تطبيق ما تحدث عنه خامنئي في شهر اكتوبر الماضي من خلال طرحه فكرة استبدال منصب رئيس الجمهورية بمنصب رئيس للوزراء يتم تنصيبه من قبل البرلمان. وعلى الرغم أن خامنئي لم يحدد ما إذا كان أحمدي نجاد سيكون آخر من يتولى هذا المنصب أو لا إلا أن الكثير يتوقع تطبيق هذه الفكرة قريبا من أجل التخلص من مشكال مماثلة لتلك التي صاحبت الانتخابات الرئاسية عام 2009 وما تبعها من أعمال احتجاجات واسعة وحراك سياسي كبير قد يهدد في المستقبل إمكانية استمرار النظام الحالي. أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية فإنه من المرجح، وعلى أقل تقدير خلال الفترة المتبقية من فترة رئاسة أحمدي نجاد، الاستمرار على النهج الحالي خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات مع الغرب بشأن برنامج إيران النووي وإن طرأ أي تغيير فإنه سيكون هامشي إلى حد كبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق