تويتر

الثلاثاء، 24 يوليو 2012

إيران و الأزمة السورية..بين ربيع و مؤامرة!





شؤون إيرانية:


بقلم: محمد السلمي


إننا لا نفشي سراً عندما نقول، إن إيران ترى في نظام الرئيس السوري بشار الأسد خطا أحمر، يجب حمايته وضمان بقائه لأطول وقت ممكن. هذا الحرص الشديد على استمرار بشار في سدة الحكم في سوريا، يهدف إلى الاطمئنان على مستقبل طهران السياسي، ليس في المنطقة العربية فحسب، بل والحيلولة دون كل ما يهدد بقاء نظام ولاية الفقيه أيضا. 

يعد النظام السوري قلب إيران النابض في المنطقة العربية، فهو حلقة الوصل التي تربط طهران بحزب الله في لبنان، ومع فقدان هذه الحلقة الحساسة، فإن مستقبل طهران في المنطقة العربية سيكون على المحك. لا ننكر وجود تحالف قوي بين بغداد ممثلة في نظام نوري المالكي وطهران، لكن هذا التحالف لا يمكنه ترميم الخسارة التي تتعرض لها طهران جراء سقوط بشار الأسد، فالعراق وإن كان يحتل موقعا جغرافيا استراتيجيا بالنسبة لطهران، فإنه لا يملك حدوداً برية مع لبنان، وبالتالي يصبح ضمان استمرار الوصول إلى حزب الله التابع لإيران، معضلة حقيقية تواجه طهران، وبالتالي يصبح مستقبل حزب الله كجناح عسكري أو دويلة داخل دولة، مهددا بالزوال أيضا. أضف إلى ذلك، فبسقوط النظام السوري، تخشى طهران من انتقال موجة “الربيع العربي” إلى حصنها الأخير في المنطقة العربية، العراق، وبالتالي اسقاط حكومة المالكي، خاصة إذا علمنا بوجود خلافات قوية بين الكتل السياسية في العراق وعدم رضاء شريحة كبيرة من العراقيين عن النظام القائم هناك.

على الجانب المحلي، تخشى إيران أن يمتد “الربيع العربي” إلى داخل حدودها، خاصة ونحن مقبلون على الانتخابات الرئاسية هناك. هذه الانتخابات تعيد إلى أذهان النخبة الحاكمة في طهران لجوء الإيرانيين الى الشارع بعد إعلان نتائج انتخابات عام 2009، والمظاهرات التي استمرت لأسابيع وما صاحبها من اعتقالات وأعمال عنف، أودت بحياة عدد كبير من الشباب الإيراني الغاضب جراء إعلان فوز احمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية، وهزيمة مرشحي الاصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي. 

في هذا الصدد، يجب أن نتذكر أن تلك المظاهرات والاحتجاجات حدثت قبل موجة “الربيع العربي”، ولا شك أن الشباب الإيراني يتابع وبشغف كبير تطورات الأحداث في المنطقة العربية عموماً، وسوريا على وجه التحديد. الموقف الرسمي الإيراني من الأزمة السورية جعل الكثير من الشباب الإيراني يتجاهل الصورة التي يود النظام الإيراني تمريرها ورسمها داخليا لكل ما يحدث في الوطن العربي. فلم يعد مقبولا لدى المواطن الإيراني، التعاطي المتناقض للنظام مع “الربيع العربي” والكيل بمكيالين من خلال وضع جميع الثورات العربية في كفة، والثورة السورية في كفة أخرى، وتصوير جميع تلك الثورات بأنها امتداد للثورة الإيرانية التي حدثت قبل أكثر من ثلاثة عقود، وأنها صحوة اسلامية تهدد الوجود الغربي في المنطقة العربية.

هذا من جانب، ومن جانب آخر اعتبار ما يحدث في سوريا مجرد مؤامرة صهيوأميركية، وتواطؤ عربي، يهدف إلى اسقاط ما تسميه إيران بـ”محور الممانعة” المضاد للأهداف الغربية والصهيونية في المنطقة على حد زعمها. كل ذلك كشف النظام الإيراني أمام شعبه قبل غيره، وعراه أمام مواطنيه. الشارع الإيراني يدرك جيدا أن إصرار نظام ولاية الفقيه على تسمية الأزمة السورية بالمؤامرة ليس عبثيا، وهو يعلم قبل غيره أن النظام يعمد إلى تسمية تحركات الداخل الإيراني بالمؤامرة، وقد اطلقت هذه التهمة على أحداث 2009 وتأكيدها على أن ما يسمى “الموجة الخضراء” وزعماءها مجرد مؤامرة اسرائيلية وغربية، تستهدف الجمهورية الإسلامية.
في هذا السياق، وفي تقرير نشر مؤخرا على  موقع “عصر إيران” شبه الحكومي، أعرب المرجع الشيعي الإيراني آية الله ناصر مكارم الشيرازي عن قلقه من الاطاحة بنظام بشار الأسد، وأن ذلك جزء من مشروع الإطاحة بالنظام الحاكم في إيران، مبيناً أن “ما تسعى إليه بعض القوى، ليس بهدف التخلص من النظام الحاكم في سوريا فحسب، بل ان كل مطلع على ما يجري في المنطقة يدرك أنهم (يقصد الغرب واسرائيل) يسعون إلى الاطاحة بنظام بشار، لكي تواجه جبهة الممانعة مشكلة حقيقية.. والكل يعلم أن الهدف القادم هو العراق ثم الجمهورية الاسلامية في ايران”. هذا دليل واضح على أن إيران تخشى انتقال ما يحدث في المنطقة العربية إلى الداخل الإيراني.

أضف إلى ذلك، فقد تحدثت مواقع المعارضة الإيرانية عن أن “الربيع العربي” سيصل إلى ايران عبر سوريا، وأن سقوط نظام بشار الأسد، يعد الخطوة الأولى لسقوط نظام ولاية الفقيه في ايران. من يرصد المواقع الاجتماعية الإيرانية يلاحظ أن متابعة الشباب الإيراني للأزمة السورية مذهلة، ويرصدون كافة التطورات على الأرض. وعلى الرغم من القيود الكبيرة التي تفرضها السلطات الايرانية على الانترنت، إلا أن البعض نجح في تأسيس صفحات تضامنية مع الشعب السوري على مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”تويتر”، كما تتحدث بعض المواقع الاجتماعية الإيرانية على الانترنت عن تداول الشباب الإيراني هذه الأيام لرسائل نصية قصيرة، تطالب المواطنين بالنزول إلى الشوارع فور إعلان سقوط النظام السوري، للتعبير عن سعادتهم بالحدث، كما أن هناك رسالة أخرى تقول “الطريق إلى طهران يمر عبر دمشق” في إشارة إلى انتقال الثورة من سوريا إلى إيران. كل هذا بطبيعة الحال يقلق النظام الإيراني كثيرا، وأنه يعد مؤشراً لتطلع الشباب الإيراني إلى انتقال العدوى العربية اليهم.

ختاما، عندما نقوم بفرز بسيط للمصطلحات المستخدمة من قبل الحكومة أو الشعب الإيراني، نجد أن هناك شبه اتفاق بين الطرفين في استقراء النتائج المستقبلية لما بعد نظام بشار الأسد، ويكمن ذلك في احتمالية انتقال الوضع السوري (سواء تم تفسيرها بالمؤامرة أو الثورة الشعبية) إلى الأراضي الإيرانية. أي أنه في حال نجح الشعب السوري في الإطاحة بنظام بشار الأسد – ويبدو ذاك قريبا – فإن ذلك سينعكس لا محالة على إيران، وبالتالي يمكننا القول إن هناك علاقة مصير وترابط بين النظامين في دمشق وطهران، وهنا يفسر بشكل دقيق، الدعم الإيراني المستمر لسوريا، والاستماتة من أجل ضمان بقاء نظام بشار الأسد، مهما كان الثمن. 

المصدر: مجلة المجلة

الجمعة، 13 يوليو 2012

إيران بين أزمة النووي وأزمة الدجاج





شؤون إيرانية

بقلم: محمد السلمي



تصدرت صفحات الصحف ووكالات الأنباء الإيرانية خلال الأيام القليلة الماضية أخبار تتحدث عن أزمة حقيقية وشح كبير في المعروض من بعض المواد الغذائية كالألبان بجميع مشتقاتها وكذلك لحوم الدجاج في الأسواق المحلية، ولقد شاهدنا صوراً لمئات المواطنيين الإيرانيين يتزاحمون منذ الصباح الباكر أمام المتاجر التي تبيع الدجاج المدعوم من قبل الحكومة وماهي إلا سويعات قليلة حتى تنفد كل الكميات المتوفرة ويتم تعليق لافتات كبيرة توعز للزبائن بنفاد الكمية المتاحة من الدجاج لذلك اليوم.
بل أن الأمر قد بلغ مرحلة التهريب حيث نقلت بعض وسائل الإعلام الإيرانية أخباراً تتحدث عن احباط قوات الأمن لعملية تهريب أطنان من الدجاج الحي. نعم تهريب الدجاج من أقليم إلى آخر من أجل بيعه بأسعار مرتفعة في الأقاليم الكبيرة نتيجة نقص المعروض في تلك الأقاليم. وحتى مع توفر بعض الكميات فإن الأسعار قفزت إلى أرقام قياسية تقول بعض المواقع الإيرانية ووفقا لمقارنة أجرتها إنها الأعلى على مستوى العالم.

هذه الأخبار تعيد إلى الأذهان أزمة شح العروض من العملة الأجنبية لدى البنوك ومحلات الصرافة في إيران عندما فقد التومان الإيراني أكثر من نصف قيمته قبل أشهر قليلة مما دفع المواطنين الإيرانيين إلى التزاحم على شراء العملات الأجنبية مثل اليورو والدولار الأمريكي وذلك بهدف الحفاظ على ما لديهم من مدخرات يخشى فقدانها في ظل انهيار العملة المحلية.
يقابل هذه المعاناة المعيشية التي تعصف بالشعب الإيراني عدم اكتراث وتهميش شديدين من قبل حكومة أحمدي نجاد لهموم المواطن العادي الذي يسعى جاهداً للحصول على قوته وأفراد أسرته وتأمين لقمة عيش كريمة لهم.
ما يثير حفيظة المواطنين بخاصة من الطبقة المتوسطة والفقيرة هو النهج الذي تسلكه الحكومة في تجاهل مشاكل الشعب وتركيزها خلال فترة “أزمة غلاء الأسعار” على الاستعداد لحضور المفاوضات مع مجموعة الست حول برنامجها النووي وبرنامج تخصيب اليورانيم.

الواقع يقول إن معظم الشعب الإيراني لا يهتم كثيرا بالبرنامج النووي وبرنامج تخصيب اليورانيوم. ليس ذلك فحسب بل وعلى العكس تماماً فقد أجرى التلفزيون الإيراني ممثلا في قناة “خبر” الرسمية استفتاء قبل أيام يستطلع فيه آراء الشارع الإيراني حول ما إذا كان مع أو ضد مشروع تخصيب اليورانيوم (ليس بنسبة عالية كما تطالب الحكومة بل استمرار أو إيقاف البرنامج) وقد جاءت النتائج عكس توجهات النظام الإيراني تماما حيث فضل 63 في المائة من المشاركين في هذا الاستفتاء فكرة إيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم تماماً.

كانت هذه النتائج رسالة جلية لا لبس فيها من المواطن الإيراني إلى حكومته، فالمواطن البسيط يرى ضرورة تخصيص الجزء الأكبر من الدخل القومي الهائل من النفط والغاز لمعالجة الفقر وتطوير البنية التحتية في البلاد وأن يتانسب ثراء الدولة مع الوضع المعيشي للمواطن وبالتالي ينعكس على حياته اليومية لكي لا يضطر إلى البحث عن عمل إضافي ثان أو ثالث لتوفير متطلبات الأسرة في ظل التضخم الهائل الذي يضرب البلاد في مقابل الراوتب المتدنية جدا.
يتساءل المواطن الإيراني عن الفائدة التي ستعود عليه من البرنامج النووي الذي تقاتل من أجله النخبة السيايسة في طهران أو توجيه الأموال الهائلة إلى دعم النظام السوري أو حزب الله في لبنان.

يرى هذا المواطن أن خطط بلاده هذه تسببت له بالكثير من المصاعب في الداخل والخارج، حيث يجد الطالب الإيراني الطموح الذي يرغب في اكمال دراسته في جامعات عالمية مرموقة أن طلبه يصطدم بعراقيل كثيرة عندما يتقدم لسفارة دولة ما للحصول على تأشيرة دخول لهذه الدولة أو تلك وبالتالي يفقد الأمل في تحقيق طموحه العلمي، هذا من جانب ومن جانب آخر يجد الطالب الإيراني الذي على رأس بعثته أن إقامته في البلد المضيف لن تجدد وللسبب ذاته. الحال ذاته ينطبق على التاجر الإيراني الذي لا يستطيع استيراد وتصدير البضائع بشكل مرن يتوافق والأنظمة المعمول بها في بقية دول العالم ويواجه الكثير من المعوقات في الداخل والخارج ولأسباب سياسية بحتة.

خلاصة القول، الشعب الإيراني يرى أنه أصبح ضحية السياسة الخارجية للنظام الحاكم، لكنه لازال يكافح ويعيش على أمل فجر جديد أو عدوى ربيعية من جيرانه العرب حتى وإن ظهر ذلك على استحياء خوفا من القمع والتنكيل بخاصة وأن رئيس الاستخبارات الإيراني قد صرح أخيرا بأن النظام لن يسمح مطلقا بتكرار الأحداث التي اعقبت نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2009. ولكن يمكن القول إن المواطن يستطيع تحمل الضغوط السياسية والإملاءات الحكومية ولكن عندما تصل الأوضاع إلى لقمة العيش التي تسد رمقه وأطفاله فحينها ليس لديه ما يخشى خسارته مطلقاً. 


إن استمر نظام “ولي الفقيه” في تجاهل المشاكل التي تعصف بحياة المواطن الإيراني فإن الخطر لن يكون من صواريخ اسرائيل ولا طائرات أمريكا، بل قد يكون تحركا داخلياً من خلال عودة المظاهرات والاضطرابات إلى الشوارع ولن يخشى الشباب الغاضب تهمة العمالة للغرب أو اسرائيل أو حتى تهمة إثارة الفتنة كما حدث مع الاصلاحيين موسوي وكروبي لأنه حينها سيكون قد تشبع من هذه الدمغة المملة والاسطوانة المشروخة وبتالي على النظام آنذاك مواجهة “أزمة الدجاج” بدلاً من أزمة النووي.

المصدر: مجلة المجلة

الأحد، 1 يوليو 2012

العقوبات الأوروبية.. بين المكابرة الإيرانية والتحدي الأوروبي


شؤون إيرانية:
بقلم: محمد السلمي

دخلت اليوم الأول من يوليو حزمة العقوبات الأوروبية على صادرات إيران النفطية حيز التنفيذ، مما يشكل ضغوطا إضافية على الاقتصاد الإيراني المترنح اصلا بسبب العقوبات السابقة. صاحب هذا الحظر عقوبة أخرى تتمثل في توقف شركات التأمين البحري التي تسيطر الدول الغربية على 90 في المائة منها عن تغطية ناقلات النفط المحملة بالنفط الإيراني، مما يعني أن على الدول المستوردة لنفط إيران اعتماد تأمين سيادي لتغطية مخاطر الحوادث وتسرب النفط. ويكمن الهدف من هذه العقوبات الأوروبية إلى تشديد الخناق على إيران، وارغامها على التخلي عن برنامجها النووي المشتبه به من قبل المجتمع الدولي.

الجانب الإيراني حاول طيلة الأشهر القليلة الماضية التشكيك في جدية الدول الاوروبية في تطبيق عقوباتها على أرض الواقع لذا فقد قلل من أهمية تلك العقوبات على أنه لن يكون لها أي تأثير سلبي على الاقتصاد المحلي. وأعلن مسؤولون إيرانيون وفي أكثر من مناسبة أن صادرات إيران النفطية وبالتالي الاقتصاد المحلي لن يتأثر مطلقا بهذه العقوبات ولن تخسر طهران زبائن نفطها بل أن الدول المستهلكة للنفط هي من سيدفع ثمن هذه القرارات التي ستؤدي إلى التهاب اسعار النفط في الأسواق العالمية. وفي هذا الصدد، فقد حاولت ايران وعلى لسان أكثر من مسؤول الترويج لفكرة مفادها أن حظر النفط الايراني يعني وصول اسعار النفط الى ارقام فلكية قد تتجاوز الـ200 دولار للبرميل الواحد. كما سبق وحذر المرشد الاعلى علي خامنئي من نتائج حظر النفط الإيراني على الاقتصاد الغربي وقال إن قادة الدول الغربية يخفون عن شعوبهم الكارثة التي ستحل بدولهم وأوضاعهم المعيشية بسبب الارتفاعات المحتملة لأسعار النفط في الاسواق العالمية. كما صرح وزير الصناعة الايراني شمس الدين حسيني لقناة سي ان ان الامريكية قائلا إن اسعار النفط ستتجاوز الـ160 دولارا للبرميل الواحد في حالة تم تطبيق الحظر الاوروبي على صادرات إيران النفطية.

وعلى الرغم من ذلك كله، نجد أن أسعار النفط أخذت تتراجع شيئا فشيئا غير متأثرة بالتحذيرات الايرانية. هذا التراجع أدى إلى ارتباك إيراني قبل دخول العقوبات الأوروبية حيز التنفيذ بأيام قليلة حيث دعا وزير النفط الايراني رستم قاسمي إلى اجتماع عاجل لأعضاء منظمة اوبك لمناقشة الأسعار الحالية للنفط باعتبارها غير عادلة ولا يجب أن ينخفض سعر البرميل الواحد دون مائة دولار أمريكي.
ومع تطبيق العقوبات الأوروبية صرح قاسمي أن هذه العقوبات ستبقى دون فاعلية وغير مؤثرة على الاقتصاد الإيراني. و نقلت وسائل الإعلام الإيراني امس عن قاسمي قوله: “ان تنفيذ اعدائنا العقوبات اعتبارا من اليوم (الأحد) لا يتسبب في أي مشكلة اقتصادية، فليس لها أي تأثير” لأن “الحكومة الإيرانية اتخذت القرارات الضرورية وهي مستعدة تماما لمواجهتها” دون أن يقدم أي توضيحات حول تلك القرارات. كما أضاف أن هناك زبائن جددا للنفط الإيراني بدلا عن الأوروبيين من دون الكشف عن هوية هؤلاء الزبائن الجدد.

من المؤكد أن الحظر الأوروبي سيؤثر سلبا على الاقتصاد الإيراني. فمن المعلوم أن الخزانة الإيرانية تعتمد على عائدات النفط والغاز بنسبة 80 في المائة. كما أن إنتاج إيران النفطي قد تراجع بشكل كبير في الفترة الأخيرة (راجع مقالي السابق حول الموضوع). إضافة إلى المشاكل الانتاجية فقد تراجعت صادرات إيران النفطية بنسبة تقترب من 40 في المائة بسبب قرارات دول شرق آسيوية مثل اليابان وكوريا وغيرها تقليص أو إيقاف وارداتها النفطية من ايران واستبداله بالنفط العربي. هذه النسبة اصبحت 60 في المائة بعد تطبيق العقوبات الأوروبية على طهران.

بنظرة سريعة إلى الواقع الاقتصادي في إيران، نجد أن تأثير العقوبات السابقة على الاقتصاد الإيراني قد ظهر جلياً بخاصة في الأشهر القليلة الماضية حيث فقدت العملة الإيرانية أكثر من نصف قيمتها أمام العملات الأجنبية مما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم تصل نسبته في بعض السلع الاستهلاكية الأساسية إلى 80 في المائة وفقا لتقرير صدر عن البنك المركزي الإيراني أخيرا.
هذه النسبة العالية في التضخم أدت وستؤدي بكل تأكيد بعد تطبيق العقوبات الأوروبية إلى مزيد من معاناة الشعب الإيراني من خلال ارتفاع نسبة الفقر إلى أرقام قياسية. إضافة إلى ذلك، فقد لوحظ اضطراب شديد في السوق المالية الإيرانية خلال الاسبوع الماضي كما تراجعت العملة المحلية أمام الدولار الامريكي بصورة أعادت للأذهان انهيار العملة الإيرانية مطلع العام الجاري.
قد تتماسك العملة الإيرانية وبدعم حكومي لفترة قصيرة أمام العملات الأجنبية ولكن من المؤكد أن تأثير العقوبات سيظهر على السطح قريبا وقد تجد إيران نفسها بين خيارات الانهيار الاقتصادي، أو الاستمرار في البرنامج النووي وتحدي تلك العقوبات على حساب الحياة المعيشية للمواطن الإيراني.

المصدر: مجلة المجلة