تويتر

السبت، 1 ديسمبر 2012

العلاقات التركية – الإيرانية.. اختلاف في وجهات النظر!


شؤون إيرانية

بقلم: محمد السلمي

تمر العلاقات الإيرانية التركية هذه الأيام بموجة من التوتر وتبادل الاتهامات بين الجانبين. فبعد انتهاء حرب الثمانية أيام بين إسرائيل وحماس قام رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بزيارة مكوكية بدأت بسوريا فلبنان- أو لنقل لحزب الله تحديدا -وانتهاءً بالجمهورية التركية.
وسائل الاعلام الايرانية قالت إن علي لاريجاني حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مما سماه التعامل الخاطئ من قبل السلطات التركية تجاه الأزمة السورية ودعم أنقرة للمعارضة السورية مؤكدا على أن ايران تستطيع مساعدة تركيا على الخروج من هذا المأزق وستتعاون معها في ايجاد حل للأزمة السورية. إضافة إلى ذلك فقد عبر لاريجاني عن إدانة وامتعاض طهران لقرار السلطات التركية نشر درع من صواريخ الناتو (من نوع باتريوت) على الحدود السورية التركية باعتباره – أي القرار- خطوة استفزازية من جانب أنقرة ليس للنظام السوري فحسب بل سيكون له عواقب وخيمة ستؤدي الى تفاقم المشاكل فى المنطقة برمتها. الجدير بالذكر أن الحكومة التركية بررت خطوة طلب المساعدة من عناصر الدفاع الجوي لحلف الناتو بهدف مواجهة التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي التركي بسبب الأوضاع الحالية في سوريا. 

الرد التركي على انتقادات لاريجاني هذه لم يتأخر كثيراً فقد صرح وزير الداخلية التركي ادريس نعيم شاهين أن السلطات الإيرانية تدعم حزب العمال الكردستاني المسلح والذي تصنفه أنقرة ودول اخرى عدة ضمن المجموعات الإرهابية.
و نقلت صحيفة “حريت” التركية عن الوزير أن تركيا على اطلاع كامل بدعم ايران لهذا الحزب “الإرهابي” وأن الجانب الإيراني يقوم بنقل المصابين من أفراد الحزب إلى الداخل الإيراني ويقدم لهم الخدمات الطبية والعلاجية.
إيران ترى أن تصريحات وزير الداخلية التركي لا أساس لها من الصحة ولم يتم تقديم أي أدلة على هذه المزاعم ولا تتعدى كونها محاولة من الجانب التركي لتلفيق التهم بسبب موقف طهران من الأزمة السورية. من جانب آخر حاول بعض المسؤولين الإيرانيين التأكيد على أن رئيس البرلمان الإيراني لم يحمل أي رسائل معينة من قبل القيادة الإيرانية إلى الأطراف التي شملتها زيارة رئيس البرلمان.
فقد صرح نائب رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور لوكالة فارس للأنباء: “جرت العادة انه عندما يقوم مسؤول إيراني بزيارة إلى دولة أجنبية فإنه يلتقي بالمرشد الأعلى آية الله خامنئي ليتم الحديث عن أهداف تلك الزيارة ونحو ذلك إلا أن لاريجاني لم يلتق بخامنئي قبيل مغادرته إيران وبالتالي لم يحمل أي رسالة من القيادة الإيرانية”. 

يعلم الجيمع أن التصريحات الاستفزازية لبعض المسؤولين الإيرانيين يتم عادة إما نفيها أو تقديم بعض التوضيحات (في الغالب مناقضة تمام لما يفهم من التصريح الرئيس) من قبل مسؤولين آخرين وهذا جانب مهم بلا شك في فهم السياسة الإيرانية. عليه يمكن القول إن حقيقت بور أراد تمرير رسالة فحواها أن تحذيرات لاريجاني للجانب التركي حول تعامل أنقرة مع الأزمة السورية وكذلك موقفه من الدرع الصاروخي لا يمثل القيادة الإيرانية بشكل مباشر بخاصة بعد تصريحات وزير الداخلية التركي الأخيرة والاتهامات المباشرة للجانب الإيراني بالتدخل في الشأن الداخلي التركي من خلال دعم المجموعات الكردية المسلحة.

الأهم من هذا كله، هو أن القلق الإيراني ليس من بطاريات الدرع الصاروخي التي تم نشرها على الحدود السورية التركية فحسب بل أن لدى طهران مخاوف من تطورات أخرى ترى أن فيها تهديداً مباشراً لها.
هذا الخطر يكمن في الاتفاق الذي جرى أخيراً بين الجيشين الأميركي والتركي على إجراء مناورات للقوات الخاصة من الجانبين على الأراضي التركية ويخول هذا الاتفاق الدولة المشاركة في مثل هذه التدريبات أن ترسل كل ما تحتاجه من تجهيزات عسكرية وأسلحة بأنواعها كافة وكذلك حضور بعض المسؤولين المدنيين أيضاً.
مثل هذا الاتفاق يقلق طهران كثيراً، حيث أنه يعني مزيدا من الحشود الأميركية والغربية في المناطق المتاخمة لها ولكن طهران لا تريد ربما اظهار هذا التخوف جلياً وبالتالي تضعه في إطار موقفها من الأزمة السورية. 

بقي أن نأخذ في الحسبان أن العلاقات الإيرانية التركية اتسمت بالتأرجح بين التوتر والتطبيع منذ الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979، وهناك بؤر خلاف عديدة بين البلدين وإن حاولتا (طهران وأنقرة) ردمها ومعالجتها ولكنها سرعان ما تظهر إلى السطح عند أدنى توتر أو تعارض في التوجهات السياسية للبلدين بخاصة عندما نتحدث عن القضية الكردية والصراعات السياسية والطائفية في العراق وتحسن علاقات تركيا مع أكراد العراق وأخيراً الأزمة السورية، إلا أن كل هذه الخلافات لم وربما لن تؤثر بشكل كبير على الجانبين الاقتصادي والأمني بين البلدين كما أنها لن تؤدي في نهاية المطاف إلى قطيعة بين الدولتين الجارتين أو نشوب مواجهات عسكرية مهما كان حجهما.. الأمر لا يتجاوز كونه اختلافا في وجهات النظر بسبب الدور الذي يسعى كل جانب إلى لعبه في منطقة الشرق الأوسط، وقد يتلاشى كل ذلك سريعا ما لم يتم إذكاؤه من قبل أطراف أخرى أو في حال تهور غير محسوب العواقب من قبل أحد الطرفين.

المصدر: مجلة المجلة

ليست هناك تعليقات: