تويتر

الاثنين، 14 مايو 2012

الاتحاد الخليجي وتخلي إيران عن التقية السياسية





شؤون إيرانية:



بقلم: محمد السلمي

مع الحديث عن مشروع اتحاد خليجي لم تكتمل معالمه بعد وفي خضم الحديث عن خطوة أولية لتحقيق هذا الاتحاد تتمثل في الإعلان عن اتحاد سعودي – بحريني، تعالت أصوات متشنجة من الضفة الشرقية للخليج العربي تندد بمثل هذه الخطوة التي لازلت في بداياتها ولم تتجاوز وسائل الأعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. لكن الأهم من هذا كله وبغض النظر عن تحقق هذا الاتحاد من عدمه – على الأقل في الوقت الراهن – فإن طرح هذا الموضوع للنقاش قد أزال اللثام عن كثير من النوايا الإيرانية وأطماع طهران في دول الخليج العربي ومملكة البحرين تحديداً. الماكينة الإعلامية الإيرانية سخرت كل طاقاتها هذين اليومين للتركيز على موضوع الاتحاد السعودي – البحريني، كما أن التصريحات الرسمية وشبه الرسمية تصب في محور قديم متجدد ألا وهو استقلال مملكة البحرين الشقيقة. إيران أخذت تتحدث عن مشروع سعودي يهدف إلى ابتلاع البحرين وضمها إلى منطقتها الشرقية دون الرجوع إلى الشعب البحريني، هذا من جانب ومن الجانب الآخر، أخذت الأصوات ذاتها تعزف على اسطوانة مشروخة تسمي البحرين المحافظة الرابعة عشر لإيران.
نعم الأصوات التي تندد بالاتحاد الكونفدرالي السعودي – البحريني (إن تحقق)، الذي يضمن لكل دولة استقلالها التام، تجاوزت ذلك إلى طرح فكرة ضم البحرين إلى إيران وتصحيح خطأ وقع فيه شاه إيران الأخير، محمد رضا بهلوي على حد زعمهم. 

هذه النقطة ليست حديثاً يتم تداوله في مواقع انترنت عامة، بل أن النقطة ذاتها قد تم طرحها في اليوم الذي اجتمعت فيه قيادات دول الخليج العربي في العاصمة السعودية الرياض في الجلسة التشاورية التي دعا إليها العاهل السعودي. نقاش هذه النقطة دار تحت قبة البرلمان الإيراني حيث طالب ممثل زاهدان في البرلمان، حسين علي شهرياري مسؤولي السياسة الخارجية الإيرانية بأخذ خطوة جدية بشأن مشروع الاتحاد السعودي – البحريني.. حيث قال موجها حديثه لرئيس البرلمان علي لاريجاني: كما تعلم أن البحرين كانت الإقليم الرابع عشر لإيران حتى عام 1340 هـ ش (1971) ولكن وللأسف الشديد فإن “خيانة الشاه” أدت إلى التصويت على استقلال البحرين في البرلمان الإيراني وتم الموافقة على ذلك.
واستطرد شهرياري: “إذا كان هناك قرار ما حول البحرين فيجب أن تضم إلى إيران وليس إلى السعودية”.
لم يكن رد لاريجاني بأفضل حال من شهرياري حتى وأن اتسم بشيء من اللباقة السياسية حيث قال إن “البحرين ليست لقمة سائغة يستطيع أي شخص ابتلاعها بسهولة”.


وفي هذا الصدد، فقد كتب موقع تابناك المقرب من اللواء محسن رضائي أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام، أحد رموز الثورة ونظام الجمهورية الإسلامية في إيران والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني مقالا صباح هذا اليوم تحت عنوان “رائحة الدم قادمة من اجتماعات الرياض”، في إشارة إلى اجتماع القمة الخليجية.
الموقع ادعى بأن الاخطبوط السعودي يسعى إلى ابتلاع البحرين وأن مشروع الاتحاد بين السعودية والبحرين يهدد الأمن القومي الإيراني، مضيفاً أن مساعي السعودية هذه قد بدأت قبل سنوات من خلال تشييد جسر الملك فهد الذي يربط السعودية بالبحرين، مشددا بأن ذلك لن يكون بتلك السهولة التي تتخيلها السعودية ، على حد تعبيره.
وأضاف الموقع: يجب أن يتم إيقاف السعودية وآل خليفة عند حدودهم كما يجب نصر المظلومين في البحرين. وفي انتقاد لمواقف الساسة الإيرانيين ذكر الموقع بأن إيران لم تقم بأي عمل حتى اللحظة ولم تحرك ساكناً تجاه أطماع السعودية وهذا الاتحاد الذي يتم تشكيله من أجل مواجهة إيران وهزيمتها.

واستطرد الكاتب: لماذا نحن صامتون تجاه التهم الموجهة إلينا، ألا تستطيع كل هذه الإمكانيات العسكرية (التي نملكها) أن تسلب النوم من عيون هؤلاء الحكام كما فعلت مع الأدميرال “فوكس”(في إشارة لتصريحات قائد الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية مارك فوكس الذي قال يوم الأحد أن سلاح البحرية الأمريكية “قد درست مجموعة واسعة من الخيارات المحتملة و مستعدة لمواجهة أي عمل عدائي من قبل طهران).

وفي لغة تهديد صريح قال موقع تابناك إن الخليج “العربي” ليس مكانا لأولئك الذين لديهم خطط توسعية، فبيوت حكام الخليج من زجاج فلو تم استهداف محطة تحليه مياه أو محطة لتوليد الطاقة فإنهم لن يتمكنوا من العيش، على حد تعبيره.

وبعد أن استعرضنا هذه التصريحات الإيرانية التي تزامنت مع اجتماعات الرياض التشاورية فإنه من الضروري فهم أسباب وأساس مثل هذه التصريحات التي تدعي بين الفترة والأخرى بأن البحرين جزء من الأراضي الإيرانية. العقلية السياسية الإيرانية لازلت تؤمن يقيناً بأن البحرين جزء من أراضيها وبالتالي فإن تحريك الطابور الخامس في البحرين ليس من أجل دعم الحريات أو دعم أتباع المذهب الشيعي هناك بل هو هدف سياسي بحت تحاول من خلاله إيران وضع يدها على البحرين وضمها – أو إعادتها كما تدعي – إلى الحضن الإيراني. 

مثل هذه التوجه ليس مجرد تصريحات فردية بل أن مسألة البحرين أحد أركان ما يعرف باسم حزب الـ “بان ايرانيسم” (القومية الإيرانية الفارسية) التي تسعى إلى إعادة إحياء الامبراطورية الإيرانية القديمة على الحدود القديمة ذاتها لكي يعيش الايرانيون سويا في وطن واحد وتحت راية واحدة. أما فيما يتعلق بالبحرين تحديدا فتنص الفقرة الرابعة من المادة الثانية من النظام الأساسي لهذا الحزب على “أن البحرين من ممتلكات التاج الإيراني و جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية ويجب إعادته إلى الوطن الأم” (انظر كتاب “حزب بان ايرانيست، ص 45″). وعلى الرغم من أن هذا الحزب قد تأسس ونشط خلال فترة النظام الشاهنشاهي البهلوي إلا أن إيران ما بعد ثورة 1979 لم تتخل عن هذه السياسة حتى وأن اختفت شيئا ما أو حاول الساسة في طهران عدم إظهارها في تصريحاتهم ولكنها تبرز إلى السطح كلما كان هناك توتر شديد في العلاقة مع دول الخليج العربي والبحرين تحديداً، أي أن اختفاءها ليس سوى “تقية سياسية” يتم تقمصها أو التخلي عنها عند الحاجة.

دول الخليج أمام تحد كبير وأطماع أكبر قادمة من الضفة الشرقية للخليج العربي تسعى إلى ابتلاع أجزاء من الأراضي العربية مثلما فعلت مع الجزر الإماراتية، لذا على هذه الدول أن تحصن نفسها من خلال اتحاد كونفدرالي يشكل قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية تقف في وجه كل المتربصين بها وبشعوبها وثرواتها في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة وإلا لأصبحنا نردد مقولة “أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”..والله من وراء القصد…



المصدر: مجلة المجلة

ليست هناك تعليقات: