تويتر

الأحد، 1 أبريل 2012

قراءة إيرانية للقمة العربية

نوري المالكي يترأس وفد بلاده .. أي دور لإيران في عراق ما بعد القمة العربية؟
نوري المالكي يترأس وفد بلاده .. أي دور لإيران في عراق ما بعد القمة العربية؟

شؤون إيرانية:
بقلم: محمد السلمي


تحت عنوان: العراق تستضيف العرب، ضيافة على ضفاف دجلة ومضيف بلهجة كردية، كتب موقع الدبلوماسي الإيراني الشهير، صبيحة يوم انعقاد القمة العربية في بغداد، مقالاً مطولاً حاول فيه الكاتب تصوير العراق بالقوة القادمة في الدبلوماسية العربية و أن الحكومة العراقية الحالية قادرة على تشكيل كتلة عربية ضاربة في وجه السيطرة السعودية القطرية.
كما سعى الكاتب إلى إضافة صبغة قومية إلى القمة من خلال التركيز على القيادات الحالية في العراق ممثلة في رئيس الدولة العراقية جلال طالباني ووزير الخارجية هوشيار زيباري بوصفهما شخصيتان كرديتان وغير عربيتين ورغم ذلك فإن العراق سيتولى دفة القيادة للدبلوماسية العربية من العرب إلى الأكراد ولمدة عام كامل، مشيرا إلى أن هذا التغيير سيضيف الكثير إلى الصراعات العربية بخاصة أن العراق يتبنى وجهة نظر مختلفة عن السعودية وقطر في ما يتعلق بالأزمة السورية.
من جانب آخر، ركز الكاتب على ما يراه نجاحا كبيرا للعراق في استضافة وتنظيم القمة بعد أن تخلصت القيادة العراقية من الكتلة العراقية بقيادة طارق الهاشمي لاتهامه بالتخطيط لعمليات إرهابية.

من جانب آخر، تحدث كاتب المقال عن الأوضاع السياسية في البلد المضيف وتصورها بأنها على أفضل حال، حيث أكد بأن العرب لن يجرؤوا على التحدث عن أوضاع العراق الداخلية، مدعياً بأن أوراق عمل قمة بغداد مؤشر لمكانة عراقية أفضل مقارنة بالدول العربية الأخرى إذا ما تم مقارنتها بالأعوام الماضية حيث كانت الحالة العراقية إحدى المحاور الرئيسة في كل اللقاءات والتصريحات العربية، أما الآن فقد اصبحت العراق من الدول العربية التي تعمل على حل الأزمات العربية وقيادتها نحو تشكيل جبهة عربية قوية ومستقلة.

من هنا يتضح أن الكاتب أراد من هذه المقالة أن يرسم خطا جديدا للسياسة العربية من خلال دعمه للدولة التي تترأس الجامعة العربية في دورتها الحالية، العراق، هذا من جانب، ومحاولة ترسيخ فكرة مفادها أن ضعف السياسة العربية يكمن في تولي دول خليجية مثل السعودية وقطر للقيادة وأن بقية الدول العربية ليس لها أي مواقف تذكر بسبب اصطفافها سياسياً خلف هاتين الدولتين من جانب آخر.

مما لا شك فيه أن عودة العراق إلى الجامعة العربية كعضو فعال أمر يسعد الدول العربية قبل غيرها، ولكن لنتوقف للحظات عند هذا التطبيل الإيراني للنظام الجديد في بغداد ونحاول أن نبحث في أسبابه ودواعيه، فطهران لا تهرول عبثا إطلاقا. لا نحتاج إلى كثير من التفكير لفك شفرة هذه اللغة الإيرانية الجديدة تجاه العراق وتمجيده وهو العدو اللدود لطهران بالأمس القريب.
ما تود طهران الوصول إليه من خلال الحكومة العراقية الحالية وعلى رأسها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هو تشكيل تكتلات جديدة وانقسام عربي آخر، يصب في مجمله في صالح الجانب الإيراني.

كما أن التركيز على وجهة النظر العراقية حيال الأزمة السورية والتي تتوافق تماماً مع سياسة الجانب الإيراني، تؤكد ذلك تماماً.

في ظل الضغوط الداخلية والعالمية على النظام السوري، حليف إيران الأول في المنطقة العربية، تسعى طهران جاهدة ومن خلال النافذة العراقية إلى تحقيق هدفين رئيسيين، أحدهما تكوين تكتل عربي جديد مع التركيز على الأنظمة العربية الجديدة (ما بعد الربيع العربي) من أجل تخفيف الضغوط على النظام السوري ومساعدته في سحق المعارضة والخروج من الأزمة الحالية منتصراً خاصة وأن الخناق بدأ يضيق شيئاً فشيئاً والانشقاقات في صفوف الجيش السوري في تزايد ملحوظ، وثانيهما- في حالة فشلها في إنقاذ النظام السوري من الغرق- تشكيل حليف جديد كبديل للنظام السوري الحالي من أجل استمرار التوغل الإيراني في الداخل العربي.

لذا فإن هذه الرؤية الإيرانية وكيل المديح المبالغ فيه للحكومة العراقية وإيهامها بأنها الفارس القادم في السياسة العربية، هذا من جانب، وتجاهل المشاكل الأمنية التي تواجه العراق والتفجيرات المتلاحقة في بغداد ولعل آخرها الانفجار الذي حدث خلال انعقاد القمة أمام السفارة الإيرانية في بغداد، وتقديم صورة خادعة عن الأوضاع هناك، من جانب آخر، ليس حباً في العراق كما أنه غير مبني على قراءة حقيقية ومحايدة للوضع العراقي.

الواقع يقول إن طهران نجحت في التوغل بشكل كبير في الحكومة العراقية الحالية خاصة بعد رحيل آخر جندي أمريكي عن الأراضي العراقية. فما هي إلا أيام قليلة بعد هذا الانسحاب حتى تم إسقاط أحد أهم قيادات الكتلة الوحيدة في حكومة نوري المالكي التي تعارض سياسة إيران في الداخل العراقي، وهي القائمة العراقية، حيث تم اتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالتورط في أعمال إرهابية، الأمر الذي تتهم طهران بالوقوف خلفه. وهذا ليس بالمستبعد بخاصة أن طهران تسعى إلى الاستفادة من الحكومة العراقية الحالية قدر المستطاع واستخدامها كحصان طروادة للتوغل في الشأن العربي وخلق المزيد من الانقسامات في الصف العربي الهش نسبياً في الوقت الراهن، وبالتالي فإن تواجد شخصية كطارق الهاشمي في الحكومة العراقية قد يضر كثيرا بالمشروع الإيراني في العراق أولا والمنطقة العربية ثانياً.

ختاما، نقول إن العزف على وتر القومية الذي تتحسس منه إيران كثيرا في داخل حدودها لا يعني الكثير بالنسبة للدول العربية بل الأهم هو عودة العراق إلى الحضن العربي بأديانه ومذاهبه وعقائده وقومياته كافة.

المصدر: مجلة المجلة

ليست هناك تعليقات: