تويتر

الأحد، 10 مارس 2013

شافيز يقضي على أحمدي نجاد




شؤون إيرانية

محمد السلمي


وقع الرئيس الايراني خلال اليومين الماضيين في ثلاثة أخطاء تعتبر قاتلة في إطار السياسية الإيرانية وأديولوجياتها وجميعها متعلقة برحيل الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز.
أما الخطأ الأول فجاء في برقية التعزية التي بعث بها إلى نائب الرئيس الفنزويلي حيث وصف الرئيس الراحل بالمؤمن الذي انضم إلى كوكبة الشهداء وسيكون برفقة السيد المسيح في جنان الخلد وأضاف بأنه سيعود إلى هذا العالم برفقة السيد المسيح والإمام المهدي الغائب. برقية التعزية هذه وما اشتملت عليه من أوصاف للرئيس شافيز وربطه بالإمام الغائب واجهت انتقادات حادة من قبل رجال الدين في ايران حيث رأوا أن أحمدي نجاد وضع شافيز في مقام الأئمة والصالحين وفي ذلك، من وجهت نظرهم، إساءة للإسلام والمذهب الشيعي على وجه التحديد.


وفي هذا الاتجاه فقد روجت بعض المواقع الإيرانية لشائعة تحدثت عن اعتناق شافيز للدين الإسلامي على يد الرئيس الايراني وذلك خلال زيارته لإيران في رمضان من عام 2009 وتخلل الرحلة هذه زيارة ضريح الإمام الرضا في مدينة مشهد شرق ايران

أما الخطأ الثاني الذي ارتكبه نجاد وحكومته خلال اليومين الماضيين فيتمثل في إعلان الحداد في عموم ايران و لمدة يوم كامل تعبيرا عن الحزن العميق على وفاة الرئيس الفنزويلي. إعلان الحداد هذا واجه عاصفة من الانتقادات ليس من قبل التيارات السياسية المحافظة فحسب بل وحتى في أوساط المجتمع الايراني وظهر ذلك جليا في مواقع التواصل الاجتماعي.
تركزت هذه الانتقادات على تجاهل أحمدي نجاد لضحايا الزلازل التي ضربت إقليم أذربيجان الايراني وراح ضحيتها العشرات وتشرد الآلاف من أبناء الشعب الايراني. إلا أن نجاد لم يقم بزيارة ميدانية للإقليم المنكوب ولم يتفقد أوضاع المنكوبين ناهيك عن عدم التفكير في إعلان الحداد على أرواح هؤلاء المواطنين.
وقد صادف وقوع إحدى هذه الهزات موعد سفر احمدي نجاد إلى الخارج إلا أن نجاد غادر ايران وكان الأجدر به إلغاء الزيارة والتوجه إلى المناطق المنكوبة، وفقاً لما يراه المنتقدون لنجاد.

 
الضربة القاضية وخطأ أحمدي نجاد الثالث حدث في العاصمة الفنزويلية كراكاس أثناء مراسم توديع جثمان شافيز. فقد أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، نجاد وهو يقبل ثابوت جثمان شافيز وقد امتلأت عيناه بالدموع. ولكن الخطأ الأكبر كشفت عنه صورة تظهر رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران وهو ممسك بيد والدة الرئيس الفنزويلي الراحل وقد وضعت رأسها على صدره وهي في حالة بكاء شديدة بينما ظهر نجاد باكياً أيضاً.
هنا ظهر التناقض الكبير بين الحدث الذي التقطته عدسات المصورين و الشخصية التي عرف بها نجاد وكافة ساسة إيران المتمثلة في عدم مصافحة النساء ولعل آخرها رفض نجاد ذاته مصافحة رئيسة الوفد البوسني في قمة التعاون الإسلامي التي احتضنتها القاهرة مؤخراً.


اكتب هذه الأسطر وأنا لم أتصفح بعد المواقع الإعلامية والصحف في ايران لهذا اليوم ولكن من المؤكد أن هذا الحدث سيكون وجبة دسمة وصيدا ثمينا للفصائل السياسية المنافسة لتيار أحمدي نجاد وقد يتعدى ذلك إلى ردة فعل من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي شخصياً ومن المؤكد أن يؤدي ذلك إلى نهاية حقيقية لمستقبل نجاد السياسي.
وإن كان قد تم تداول سابقا شائعة تحدثت عن احتمال مواجهة الرئيس الإيراني الحالي قرارا من المرشد الأعلى يتمثل في عزله من منصبه بسبب عدم الكفاءة السياسية على غرار ما حدث لأول رئيس جمهورية في إيران بعد الثورة أبو الحسن بني صدر الذي عزله الخميني في عام 1981، فإن ذلك اصبح الآن أكثر قبولاً وأقرب حدوثاً بعد هذه الأخطاء الثلاثة التي ارتكبها أحمدي نجاد خلال أقل من يومين.

سبق وأن كتبت عن احتمالية تقديم أحمدي نجاد ككبش فداء باعتباره سبباً رئيسا في تشويه صورة النظام الايراني في الداخل والخارج وبالتالي محاولة لإخراج إيران من العزلة السياسية التي تعيشها والمشاكل الاقتصادية التي تواجهها بسبب العقوبات الغربية المفروضة على البلاد.
الفرصة الآن مواتية جداً وقد يضغط التيار المحافظ في إيران على خامنئي لاتخاذ هذا القرار قبل موعد الانتخابات الرئاسية خلال الصيف القادم.


ختاماً، خامنئي قد يقبل بهذا الاقتراح ولكنه يدرك جيداً أن أحمدي نجاد لن يقف مكتوف الأيدي وقد يفتح ملفات ويكشف عن فضائح قد تطال المرشد شخصياً ناهيك عن التيار المحافظ بشكل عام، لكن يبقى السؤال حول كيفية تفادي ردة فعل أحمدي نجاد أو تحجيمها هو المعضلة الكبرى حتى اللحظة.

المصدر: مجلة المجلة

ليست هناك تعليقات: