شؤون إيرانية:
بقلم: محمد السلمي
المصدر: الشرق الأوسط
قد يكون من الصعوبة بمكان التنبؤ بمستقبل
العلاقات الإيرانية - الخليجية ومدى تحسن هذه العلاقات أو أنها سوف تتجه نحو مزيد
من التوتر بعد الانتخابات الرئاسية في دورتها الحادية عشرة من عمر الجمهورية
الإسلامية في إيران، والمزمع عقدها بتاريخ 14 يونيو (حزيران) المقبل، كما أنه من
السابق لأوانه، أيضا، الحديث عن نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران على الرغم من
انتهاء فترة التسجيل والترشح يوم السبت الماضي، وبالتالي فجميع الخيارات لا تزال
مطروحة. إلا أن ذلك لا يمنع من استشراف المستقبل وفقا للمعطيات الراهنة والشخصيات
التي تقدمت للترشح.
نستطيع القول دون تردد إن نتائج الانتخابات القادمة ستكون ميزان العلاقة بين دول
مجلس التعاون لدول الخليج العربي وإيران، والبوصلة التي تحدد اتجاه هذه العلاقة،
فإما العودة لما قبل 2005 حيث الفترتان الرئاسيتان للرئيس محمد خاتمي، واللتان
شهدتا انفتاحا كبيرا في العلاقات بين الجانبين يعد الأول من نوعه منذ انتصار الثورة
في 1979، أو الاستمرار على خُطى الرئيس أحمدي نجاد ومزيد من التوتر بين الجانبين.
ولعله من نافل القول أن نشير إلى أن الأمر ليس حكرا على العلاقة مع دول الجوار فحسب، بل إن هناك ملفات كثيرة تواجه الرئيس الإيراني القادم وعلى رأسها أزمة البرنامج النووي الإيراني. يرغب المرشد الأعلى، ولا شك، في خروج إيران من عنق الزجاجة وحل الصعوبات التي تواجهها البلاد اقتصاديا وسياسيا، وكذلك تخفيف الاحتقان الذي يعيشه الشارع المحلي، وكل ذلك لن يتم إلا من خلال رئيس يستطيع تحقيق ذلك ولكن وفق شروط من أهمها ضمان الانقياد التام لتوجهات المرشد بعد أن لُدغ من أحمدي نجاد، خاصة في الفترة الرئاسية الثانية، بإعلانه التحدي له بعد أن كان الابن المطيع للمرشد في الفترة الرئاسية الأولى، وهو درس لخامنئي وخطأ لن يسمح بتكراره مطلقا.
خلال الأيام القليلة الماضية طالعتنا مواقع ووكالة أنباء إيرانية بأخبار تتحدث عن استعدادات كبيرة لعودة الإصلاحيين للسباق الانتخابي، وهو ما حدث بالفعل. يأتي اسم رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني على رأس القائمة الإصلاحية. رفسنجاني صرح بأن دخوله السباق الرئاسي «مرهون بإذن المرشد الأعلى، وفي ما عدا ذلك فلا فائدة من الترشح، بل إن الترشح قد يعطي نتائجا عكسية». يفهم من هذا التصريح أن دخوله الانتخابات يعني فوزه فيها، وبالتالي عودة أحد أهم رموز الثورة إلى الواجهة السياسية مجددا، فرفسنجاني يعد من أعمدة النظام الحالي، وهو من جاء بخامنئي إلى الواجهة ورشحه لمنصب الولي الفقيه بعد رحيل آية الله روح الله الخميني عام 1989. وعلى الرغم من أن رفسنجاني قد فقد الكثير من قوته وأصبح ينظر إليه كتركة ثقيلة على النظام فقدت بريقها في السنوات القليلة الماضية فإن تمسكه بمنصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام يجعل عودته إلى صراعات التيارات السياسية في إيران ممكنه في أي وقت، وربما يرى أن وقت العودة قد حان بعد أن وضع حدا للشائعات حول مشاركته وترشح فعليا في آخر يوم للتسجيل في الانتخابات الرئاسية. مع ترشح رفسنجاني في اللحظات الأخيرة أعلن معظم المرشحين من التيار الإصلاحي انسحابهم لصالحه. فوز مرشح التيار الإصلاحي في الانتخابات القادمة قد يقود إلى تحسن كبير في العلاقات مع دول المنطقة والخليج تحديدا.
من جانب المحافظين، تبرز أربعة أسماء مرشحة للمنافسة على مقعد الرئاسة. نتحدث بطبيعة الحال عن وزير خارجية إيران السابق والمستشار السياسي الحالي لخامنئي، علي أكبر ولايتي، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق للبرلمان الإيراني وعضو البرلمان الإيراني منذ دورته السادسة وحتى الآن، غلام علي حداد عادل، إلا أن هؤلاء المرشحين الذين يشكلون الائتلاف الثلاثي في الانتخابات الرئاسية المقبلة قد يقودون العلاقات مع دول الجوار إلى مزيد من التوتر ما عدا قاليباف الذي يعد الأقل خبرة من الناحية السياسية من بين هؤلاء الثلاثة، وقد يستطيع خامنئي توجيهه في الاتجاه الذي يراه مناسبا من دون أي صعوبات تذكر، وبالتالي قد تشهد العلاقات شيئا من الانفراج ولكن ليس بمستوى ما سيحدثه فوز مرشح من التيار الإصلاحي. الأمر كذلك ينطبق على المرشح الرابع في هذا التيار، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي.
وهناك تيار ثالث بين هذين التيارين وهو التيار المقرب من الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد. نستطيع القول إنه من المستبعد أن تتغلب إيران على تلك المشاكل المتراكمة على يد مرشح محسوب على هذا التيار على الرغم من أن اسفنديار رحيم مشائي مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية، وقد ظهر نجمه في الساحة السياسية بشكل قوي خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، حيث تنقل بين عدة مناصب من أهمها مدير مكتب رئيس الجمهورية، ويشغل حاليا منصب الأمين العام لحركة عدم الانحياز ورئيس المركز الوطني للعولمة، كما تربطه علاقة مصاهرة مع أحمدي نجاد الذي يدعمه بشكل كبير. إلا أن بعض الشخصيات الأصولية أعلنت أنها ستقف في وجه ترشحه للانتخابات القادمة، ويبدو أن فوزه في الانتخابات شبه مستبعد حتى وإن تمت المصادقة على ترشحه تجنبا لأي فوضى قد يحدثها أنصار هذا التيار خلال فترة سير الانتخابات، وحتى وإن انتصر في الانتخابات المقبلة فإن مستقبل العلاقة مع دول الخليج قد يبقى على ما هو عليه الوضع حاليا.
ختاما، من المؤكد أن الدعم الإيراني للنظام السوري قد جعل عودة العلاقات الخليجية مع إيران إلى عصرها الذهبي إبان فترة خاتمي الرئاسية خيارا غير مطروح في الوقت الراهن، إلا أن فوز الإصلاحيين في الانتخابات قد يقود إلى انفراج كبير في العلاقات بين الجانبين، لكن ومع ذلك تبقى الثورة السورية ميزانا مهما في هذه العلاقة في جميع الأحوال. كما أن موقف المرشد الأعلى من كل ذلك في غاية الأهمية، والضمانات التي سوف يقدمها من يفوز في الانتخابات لرأس الهرم في النظام الإيراني سيكون لها الأثر البالغ، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك خطوطا حمراء، خاصة على المستويين الأمني والثقافي، لا يمكن لأي رئيس في إيران الاقتراب منها، وما عدا ذلك فالخيارات مفتوحة للرئيس، إلى حد كبير، خاصة إذا كانت ستعمل على إخراج البلاد من العزلة السياسية والاقتصادية التي تعيشها على المستويين الإقليمي والدولي.
ولعله من نافل القول أن نشير إلى أن الأمر ليس حكرا على العلاقة مع دول الجوار فحسب، بل إن هناك ملفات كثيرة تواجه الرئيس الإيراني القادم وعلى رأسها أزمة البرنامج النووي الإيراني. يرغب المرشد الأعلى، ولا شك، في خروج إيران من عنق الزجاجة وحل الصعوبات التي تواجهها البلاد اقتصاديا وسياسيا، وكذلك تخفيف الاحتقان الذي يعيشه الشارع المحلي، وكل ذلك لن يتم إلا من خلال رئيس يستطيع تحقيق ذلك ولكن وفق شروط من أهمها ضمان الانقياد التام لتوجهات المرشد بعد أن لُدغ من أحمدي نجاد، خاصة في الفترة الرئاسية الثانية، بإعلانه التحدي له بعد أن كان الابن المطيع للمرشد في الفترة الرئاسية الأولى، وهو درس لخامنئي وخطأ لن يسمح بتكراره مطلقا.
خلال الأيام القليلة الماضية طالعتنا مواقع ووكالة أنباء إيرانية بأخبار تتحدث عن استعدادات كبيرة لعودة الإصلاحيين للسباق الانتخابي، وهو ما حدث بالفعل. يأتي اسم رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني على رأس القائمة الإصلاحية. رفسنجاني صرح بأن دخوله السباق الرئاسي «مرهون بإذن المرشد الأعلى، وفي ما عدا ذلك فلا فائدة من الترشح، بل إن الترشح قد يعطي نتائجا عكسية». يفهم من هذا التصريح أن دخوله الانتخابات يعني فوزه فيها، وبالتالي عودة أحد أهم رموز الثورة إلى الواجهة السياسية مجددا، فرفسنجاني يعد من أعمدة النظام الحالي، وهو من جاء بخامنئي إلى الواجهة ورشحه لمنصب الولي الفقيه بعد رحيل آية الله روح الله الخميني عام 1989. وعلى الرغم من أن رفسنجاني قد فقد الكثير من قوته وأصبح ينظر إليه كتركة ثقيلة على النظام فقدت بريقها في السنوات القليلة الماضية فإن تمسكه بمنصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام يجعل عودته إلى صراعات التيارات السياسية في إيران ممكنه في أي وقت، وربما يرى أن وقت العودة قد حان بعد أن وضع حدا للشائعات حول مشاركته وترشح فعليا في آخر يوم للتسجيل في الانتخابات الرئاسية. مع ترشح رفسنجاني في اللحظات الأخيرة أعلن معظم المرشحين من التيار الإصلاحي انسحابهم لصالحه. فوز مرشح التيار الإصلاحي في الانتخابات القادمة قد يقود إلى تحسن كبير في العلاقات مع دول المنطقة والخليج تحديدا.
من جانب المحافظين، تبرز أربعة أسماء مرشحة للمنافسة على مقعد الرئاسة. نتحدث بطبيعة الحال عن وزير خارجية إيران السابق والمستشار السياسي الحالي لخامنئي، علي أكبر ولايتي، ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والرئيس السابق للبرلمان الإيراني وعضو البرلمان الإيراني منذ دورته السادسة وحتى الآن، غلام علي حداد عادل، إلا أن هؤلاء المرشحين الذين يشكلون الائتلاف الثلاثي في الانتخابات الرئاسية المقبلة قد يقودون العلاقات مع دول الجوار إلى مزيد من التوتر ما عدا قاليباف الذي يعد الأقل خبرة من الناحية السياسية من بين هؤلاء الثلاثة، وقد يستطيع خامنئي توجيهه في الاتجاه الذي يراه مناسبا من دون أي صعوبات تذكر، وبالتالي قد تشهد العلاقات شيئا من الانفراج ولكن ليس بمستوى ما سيحدثه فوز مرشح من التيار الإصلاحي. الأمر كذلك ينطبق على المرشح الرابع في هذا التيار، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي.
وهناك تيار ثالث بين هذين التيارين وهو التيار المقرب من الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد. نستطيع القول إنه من المستبعد أن تتغلب إيران على تلك المشاكل المتراكمة على يد مرشح محسوب على هذا التيار على الرغم من أن اسفنديار رحيم مشائي مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية، وقد ظهر نجمه في الساحة السياسية بشكل قوي خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، حيث تنقل بين عدة مناصب من أهمها مدير مكتب رئيس الجمهورية، ويشغل حاليا منصب الأمين العام لحركة عدم الانحياز ورئيس المركز الوطني للعولمة، كما تربطه علاقة مصاهرة مع أحمدي نجاد الذي يدعمه بشكل كبير. إلا أن بعض الشخصيات الأصولية أعلنت أنها ستقف في وجه ترشحه للانتخابات القادمة، ويبدو أن فوزه في الانتخابات شبه مستبعد حتى وإن تمت المصادقة على ترشحه تجنبا لأي فوضى قد يحدثها أنصار هذا التيار خلال فترة سير الانتخابات، وحتى وإن انتصر في الانتخابات المقبلة فإن مستقبل العلاقة مع دول الخليج قد يبقى على ما هو عليه الوضع حاليا.
ختاما، من المؤكد أن الدعم الإيراني للنظام السوري قد جعل عودة العلاقات الخليجية مع إيران إلى عصرها الذهبي إبان فترة خاتمي الرئاسية خيارا غير مطروح في الوقت الراهن، إلا أن فوز الإصلاحيين في الانتخابات قد يقود إلى انفراج كبير في العلاقات بين الجانبين، لكن ومع ذلك تبقى الثورة السورية ميزانا مهما في هذه العلاقة في جميع الأحوال. كما أن موقف المرشد الأعلى من كل ذلك في غاية الأهمية، والضمانات التي سوف يقدمها من يفوز في الانتخابات لرأس الهرم في النظام الإيراني سيكون لها الأثر البالغ، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك خطوطا حمراء، خاصة على المستويين الأمني والثقافي، لا يمكن لأي رئيس في إيران الاقتراب منها، وما عدا ذلك فالخيارات مفتوحة للرئيس، إلى حد كبير، خاصة إذا كانت ستعمل على إخراج البلاد من العزلة السياسية والاقتصادية التي تعيشها على المستويين الإقليمي والدولي.